شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٥٢
لأنا نقول: قد عرفت آنفا أن علمه مخالف لعلمنا فلا نعيده.
(وهكذا البصر لابخرت منه أبصر) في كتاب العيون: «وهكذا البصير» على وزن فعيل «لالجزء به أبصر» يعني ليس إبصاره بالعين ولا إدراكه للمبصرات بحاسة البصر لتنزهه عن الحواس (كما أنا نبصر بخرت منا) في كتاب العيون: «بجزء منا» (لا ننتفع به في غيره) أي كما أنا نبصر المبصرات بخرت العين لا ننتفع بذلك الخرت في غير الإبصار لأنه طريق لإدراك المبصرات فقط (ولكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه) أي لا ينطبع صورة المنظورة إليه ومثاله في ناظره لعدم وجود الناظر له، فيه دلالة على أن الإبصار بالانطباع (1) ويمكن أن يراد بالشخص الآلة الباصرة التي يمكن النظر إليها، وقيل الاحتمال هنا بمعنى المشقة يقال: احتمله أي تكلف المشقة فيه يعني لا مشقة له في إبصار شخص منظور إليه، في بعض نسخ هذا الكتاب وفي كتاب العيون: «لا يجهل» من الجهل في موضع لا تحتمل، وهو الأظهر (فقد جمعنا الاسم) الفعل هنا أيضا يحتمل الوجهين (واختلف المعنى); لأن إبصارنا بالنواظر والأخرات، وإبصاره هو العلم بالمبصرات بنفس الذات، والحاصل أن البصر والبصير في الخلق نفس الذات، وفينا الآلة والنفس الفاقرة من جميع الجهات، فلا اشتراك هنا إلا في مجرد الاسم (وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء) الكبد بفتح الكاف والباء: الشدة والمشقة. والساق ساق قدم، ويمكن أن يراد بها هنا السبب، أي ليس قيامه على معنى قيام على سبب يقيمه كسائر الأشياء الموجودة القائمة بأسبابها. ويؤيده بقاء الأشياء على عمومها عدم الاحتياج إلى تخصيصها بذوات السوق (ولكن قائم يخبر أنه حافظ) أي ولكن قولنا هو قائم يخبر أنه حافظ للمخلوقات وأحوالهم وأفعالهم وآثارهم ومتول لحفظها وإصلاحها ورعايتها وتدبيرها.
ولما كان هنا مظنة أن يقال: إطلاق القائم على الحافظ غير متعارف، أشار إلى أنه شايع في المحاورات بقوله: (كقول الرجل القائم بأمرنا فلان) أراد بالقائم الحافظ الضابط المدبر في أمورهم لا القائم بالساق ولو أريد هذا لكان المقصود منه على سبيل الكناية هو الحفظ.
(والله هو القائم) أي الحافظ (على كل نفس بما كسبت) من الخير والشر. والواو إما للحال أو للعطف على قوله «كقول الرجل» أو على مقول القول وهو القائم (والقائم أيضا في كلام الناس الباقي)

1 - قوله: «على أن الابصار بالانطباع» هذا هو الصحيح من مذهب الحكماء في الإبصار، والمذهب الآخر هو القول بخروج الشعاع، وتفصيل القولين والحجة على كل واحد في محله، وأورده الشيخ في علم النفس من طبيعيات الشفاء وأثبت هذا القول الذي يستفاد من الحديث ببراهين متقنة. (ش)
(٥٢)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الجهل (2)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست