ينبغي له فهو له بالفعل وفي مرتبة ذاته (توحد بالتوحيد في توحده) أي تفرد بتوحيده في حال تفرده بالوجود يعني أنه كان في الأزل قبل إيجاد الخلق يوحد نفسه بلا مشارك (ثم أجراه) أي توحيده (على خلقه) (1) بأن فطرهم عليه أو كلفهم به (فهو واحد) بالمعنى المذكور (صمد) يرجع إليه جميع الخلائق في جميع الحوائج (قدوس) طاهر من النقايص والعيوب ومتنزه عن الأولاد والأنداد غيرهما مما لا يليق به (يعبده كل شيء) ناظر إلى الواحد; لأن الوحدة المطلقة وعدم المشاركة في الوجود الذاتي يقتضيان عدم المشاركة في العبادة فكل شيء عابد له لا معبود (ويصمد إليه كل شيء) ناظر إلى الصمد، والصمد القصد، وفعله من باب طلب (ووسع كل شيء علما) ناظر إلى القدوس; لأن القدس يقتضي العلم بجميع الأشياء لئلا يلزم الجهل المنافي له.
(فهذا) أي ما ذكر من الصمد السيد المصمود إليه في القليل والكثير. والظاهر أن هذا كلام المصنف رضي الله عنه (هو المعنى الصحيح في تأويل الصمد) (2) عرف المسند إليه بالإشارة لزيادة التميز والإيضاح وعرف المسند بلام التعريف لقصد الحصر وأتى بضمير الفصل لقصد المبالغة فيه; ولهذا أيضا صرح بالجزء السلبي فقال:
(لا ما ذهب إليه المشبهة أن تأويل الصمد المصمت الذي لا جوف له) هؤلاء لما رأوا أنه تعالى صمد وأن الصمد يطلق في اللغة على المصمت الذي لا جوف له أولوه به ومالوا إلى توصيفه بأنه مصمت وإلى تقديسه بأنه لا جوف له كإنسان ونحوه فلحقه التشبيه; لأن في الخلق ما هو بهذه الصفة.
فتأويل الصمد بهذا باطل لما أشار إليه بقوله: (لأن ذلك) أي تأويل الصمد بهذا (لا يكون إلا من صفة