شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٤٨
المناسبة بما ذكرنا سابقا من مجرد الاختلاف بين المعنيين، ولما أشار إجمالا إلى اختلاف معاني الأسماء بين الخالق والخلق أراد أن يشير إلى تفصيل بعض ذلك وتوضيحه ليقاس عليه في البواقي فقال:
(وإنما سمى الله بالعلم) المراد بالعلم العالم بذكر المشتق منه مقام المشتق، أو المراد بالتسمية الوصف أو قال ذلك للتنبيه على أن العلم عين ذاته، وفي كتاب العيون: «وإنما تسمى بالعالم على صيغة المشتق» (لغير علم حادث علم به الأشياء) يعنى سمي بعلم قديم كامل من جميع الجهات هو عين ذاته الحقة التي هي العلم بالأشياء كلها كليها وجزئيها على نحو واحد لا بعلم حادث زائد عليه قائم به علم به الأشياء لاستحالة الجهل عليه في مرتبة ذاته وامتناع اتصافه بالحوادث (استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره) كالبشر فإنه يستعين بعلم حادث له بالكليات على حفظ تفاصيل جزئياتها الواردة عليه في مستقبل أحواله (والروية فيما يخلق من خلقه) «ما» مصدرية والروية عطف على الحفظ وفيه إشارة إلى أن علمه بالأشياء علما إجماليا يستعين به على الروية والفكر ليجد وجه المصلحة فيما يخلق من خلقه كما هو شأن أرباب الصنايع فإنهم يتصورون أولا أمرا مجملا ثم يخطر ببالهم في أثناء الصنع ما له مدخل في تمامه وكماله ويصنعونه تكميلا لصنايعهم وعطفها على علم حادث، أي إنما سمى الله بالعلم بغير الروية إلى آخره أيضا محتمل، والمتكلمون بعدما قالوا: إنه تعالى عالم بجميع أفعاله قبل الإيجاد لا من طريق أصلا لا من حس ولا من روية ونظر واستدلال، سألوا أنفسهم وقالوا:
لم زعمتم ذلك ولم لا يجوز أن يكون قد فعل أفعالا مضبوطة ثم أدركها فعلم كيفية صنعها بطريق كونه مدركا لها فأحكمها بالرؤية بعد اختلالها واضطرابها؟ ثم أجابوا عن ذلك بأنه لا بد أن يكون قبل ذلك عالما بمفردات بعضها فوجب أن يعلم كذلك بأسرها لعدم التخصيص.
ورد هذا الجواب بأنه لا يلزم العلم بمفردات الفعل العلم بالفعل، فقولكم «لا بد أن يكون عالما بمفرداتها قبل فعلها» مصادرة على المطلوب.
والجواب الحق: أنه لو علمها بعد أن لم يعلمها لزم الجهل وهو نقص لا يليق بجناب القدس ولكان علمه بها حادثا في ذاته فيلزم أن يكون جل شأنه محلا للحوادث وهو محال.
(٤٨)
مفاتيح البحث: الجهل (2)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست