شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٤١
صفته التي دلت العاقل) إما بالاستقلال أو بملاحظة مقدمة مبرهنة متقررة في العقل مسلمة عند الكل وهي أنه تعالى مبدأ لجميع ما سواه (على أنه لا شيء قبله لا شئ معه في ديموميته) التي كانت له في مرتبة ذاته الحقة ومرتبة وجوده الذي هو نفس ذاته القدسية، وستعرف وجه دلالتها عليه (فقد بان لنا بإقرار العامة) أي بإقرار عامة الموجودات كلها بلسان الحال والإمكان وبعضها بلسان المقال والبيان والإقرار; إما من «أقر بالحق» إذا اعترف به، أو من «أقر الحق في مكانه» فاستقر هو. فقوله (معجزة الصفة) (1) على الأول منصوب بنزع الخافض وهو الباء وإن شذ نزعه في مثله، وعلى الثاني منصوب على المفعولية، والمعجزة اسم فاعل من «أعجزته» بمعنى: وجدته عاجزا، أو من «أعجزته» بمعنى:
جعلته عاجزا، أو من «أعجزه الشيء» بمعنى: فاته.

1 - قوله: «معجزة الصفة» اتفق النسخ على إعجام الزاي وهي إما اسم فاعل أو مفعول أو مصدر ميمي. ويحتمل بعيدا أن يكون على وزن مفعلة التي يدل على تكثير الفعل وزيادته مثل «السواك مطهرة للفم» أي كثير التطهير «وصلة الرحم منماة للمال» أي يزيد في نمو المال «وقطعها مقربة للأجل» أي يزيد في قرب الأجل.
والمعنى أن عامة الناس أقروا واعترفوا أو أثبتوا صفة القديم لله تعالى واعترفوا أيضا بأن هذه الصفة معجزة أي لا يقدرون على اكتناهها وعاجزون عن الاتصاف بها وتحصيلها لأنفسهم. والإمام (عليه السلام) يصوب هذا الرأي أي الإقرار من العامة ويستشهد بصحة كلامهم وقولهم على مطلوبه. وأما الشارح القزويني فقرأه «معجرة» بالراء المهملة والعجر ورم البطن واتساعه، وفسره بأن العامة وسعوا صفة القديم حتى شمل غير الله تعالى من العقول والأفلاك، وعلى هذا فلا يمكن استشهاد الإمام (عليه السلام) بهذا الإقرار من العامة وتصويب رأيهم، وهو خلاف عبارة الحديث، ولولا أنا نعلم كون القائل من أعاظم العلماء لذهب وهمنا إلى أنه من أقاصيص جحا. وأورد المجلسي رحمه الله في مرآة العقول عبارة الشارح ثم عبارة رفيع الدين النائيني في شرح هذا الحديث وأوردناها في حاشية الوافي، والفيض - رحمه الله - صوب نسخة عيون أخبار الرضا (عليه السلام) وهي هكذا: «فقد بان لنا بإقرار العامة مع معجزة الصفة أنه لا شيء، وقال: كأنه سقط كلمة «مع» من نساخ الكافي، ومقصوده: بأن لنا من شيئين: من إقرار العامة ومن معجزة الصفة أنه لا شيء من قبل الله. وأظن أن نسخة الكافي أصح وأوضح، ولو كان الأمر كما استصوبه لقال (عليه السلام) بإقرار العامة مع مفهوم الصفة أي المتبادر من معناها لا مع إعجاز الصفة بغير إعجاز، والعجز إنما يناسب الإقرار أي العامة أقروا بأنهم عاجزون عن إثبات شيء معه تعالى. وأما صدر المتألهين - قدس سره - فإنه جعل إعجاز الصفة فاعلا لقوله «بان» وجملة «أنه لا شئ» متعلقة بالإعجاز، والمعنى: أن بإقرار العامة بان لنا إعجاز الصفة إياهم عن إثبات قديم معه تعالى; لأن الصفة أعجزتهم وجعلتهم غير قادرين على أن يثبتوا قديما غيره تعالى وألزمتهم باختصاص الصفة به تعالى. (ش)
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست