شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٤٣
الكل (أو كان معه شيء) كالقائلين بزيادة الوجود والصفات، و «شيء» مرفوع على سبيل التنازع (وذلك أنه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له) وإذا لم يكن خالقا لذلك الشيء لزم تعدد الواجب لذاته ولزم أيضا أن لا يكون جل شأنه مبدأ لجميع ما سواه وكلاهما باطل (لأنه لم يزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه) في مرتبة ذاته ووجوده، والمخلوق يجب أن يكون بحسب الذات والوجود متأخرا عن الخالق القادر، وذلك; لأن وجوده تعالى عين ذاته، فلو كان وجود شيء ما مع وجوده غير متأخر عنه كان أيضا مع ذاته غير متأخر عنها أصلا. فلا تكون ذاته التي تفعل بالاختيار علة له لوجوب تقدمها على المعلول بحسب الرتبة والوجود، فقد ظهر أن القديم لا يجوز أن يكون معلولا (1) للقادر خلافا للمبتدعة (2) (ولو كان قبله شيء كان الأول ذلك الشيء لا هذا) الذي هو القبل على الإطلاق وهو المسمى بالله وكان الأول بحسب هذا الفرض (أولى بأن يكون خالقا

1 - قوله: «فقد ظهر أن القديم لا يجوز أن يكون معلولا» لم يظهر من كلامه (عليه السلام) من ذلك شيء إذ لم يفرق بين الفاعل المختار وغيره.
وقوله «لم يزل معه فكيف يكون خالقا» يدل على كون صرف معيته علة لعدم مخلوقيته من غير تأثير للاختيار وقد ذكرنا سابقا أن الفاعل المختار لا يستحيل عقلا أن يريد صدور الفعل عنه دائما وأن يكون له في كل زمان مخلوق ولا يتصور مانع عن تجويز ذلك إلا أن يبين استحالة معلول مستمر باستمرار العلة ولم يبين، وإذا تعقل إمكان عدم الفصل الزماني بين المعلول والعلة كحركة اليد وحركة المفتاح، فإنه مع سابقية حركة اليد لا فصل بينهما زمانا، فمع إمكانه لا مانع من إرادة الفاعل المختار هذا الأمر الممكن، فالحق أن غرض الإمام (عليه السلام) إثبات مخلوقية كل شيء له تعالى وأنه ليس في دار الوجود شيء إلا وهو محتاج إليه ومتأخر عنه في الوجود سواء كان نظير تأخر حركة المفتاح عن حركة اليد أو تأخر خلق السماوات والأرض عن وجود الله تعالى أو تأخر خلق الإنسان عن خلق السماوات والأرض. (ش) 2 - قوله: «خلافا للمبتدعة» البديع: الشيء الذي لم يعهد نظيره قبله، والمبتدعة كل طائفة تخترع في الدين أمورا غير معهودة فيه وإنما يتصور وجودهم بعد الإسلام لا قبله. ومراد الشارح هنا فرقة من أتباع المشائين مزجوا اصطلاحات الشرع باصطلاحات الفلسفة، وقلنا إن الخلط مزلة لا في خصوص اصطلاحات الفلسفة بل اصطلاح كل فن، كما أن بعض الناس أفتى بوجوب غسل الجمعة، إذ ورد في الحديث «أن غسل الجمعة واجب» ولم يعلم أن اصطلاح الأئمة في الوجوب غيره في اصطلاح أهل الأصول، وهكذا بعض أتباع المشائين لما رأوا قول أرسطو أن الإنسان كان مخلوقا لا أول لوجوده تأولوا قصة آدم وحواء وكذلك تأولوا خلق السماوات والأرض من الدخان أو من الماء وأمثال ذلك، وكان قول أرسطو هنا فرضا يستحسنونه لا أمرا برهانيا يتمسكون به وهكذا كانت الفلاسفة قديما وجديدا حتى في أيامنا هذه، فربما يستخرجون حقيقة برهانية لا يشك فيها ويستدلون عليها بأدلة موجبة للعلم مثل أن الأرض كرة وأن الخسوف لحيلولة وتارة يبدعون رأيا وفرضا استحسانا من غير دليل علمي على إيجابه مثل قولهم بأن الأرض كانت قطعة انفصلت من الشمس وأن الإنسان حصل بالنشوء من قرد أو غيره، وكما لا يجوز خلط اصطلاح الشرع باصطلاحات الفنون كذلك لا يجوز خلط البرهانيات بالاستحسانات وإنما يجوز تأويل الظواهر إذا ثبت خلافه بالبرهان اليقيني لا إذا خالف الاستحسانات. (ش)
(٤٣)
مفاتيح البحث: الجواز (5)، الغسل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست