للأول) الذي هو الخالق لجميع ما سواه وهذا خلاف المتقرر الثابت من وجهين: الأول أن لا يكون المبدء للجميع مبدأ للجميع، والثاني أن يكون القديم الواجب حادثا ممكنا لأن كونه بعد أن لم يكن وصف له بالحدوث اللازم للإمكان.
(ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء) أي سمى نفسه بها أو عرف نفسه، وإنما قال بأسماء ولم يقل بمعانيها للدلالة على أنه ليس له صفة زائدة (دعا الخلق) بالنصب على أنه مفعول له مثل «حذر الموت» يعني وصف نفسه بالأسماء لأجل دعائهم إياه بتلك الأسماء (إذ خلقهم وتعبدهم) يعني طلب منهم العبادة والتذلل وغاية الخضوع، وأراد أن يكونوا عبيدا له (وابتلاهم) بالخير والشر واختبرهم بالمصائب والنوائب وألجأهم (إلى أن يدعوه بها) أي بتلك الأسماء التي وصف بها نفسه (فسمى نفسه) الفاء لتفسير الوصف المذكور لا للتفريع (سميعا بصيرا قادرا قائما ناطقا ظاهرا باطنا لطيفا خبيرا قويا عزيزا حكيما عليما وما أشبه هذه الأسماء) من الأسماء المشتركة بينه وبين خلقه الدالة على الذات مع ملاحظة شيء من الصفات (فلما رأى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون) الغالي المتجاوز عن الحد من غلا في الأمر يغلو غلوا إذا جاوز فيه الحد وهم قد جاوزوا الحد في أسمائه تعالى حيث جعلوا مبادي اشتقاقها موجودة خارجية زائدة عليه قائمة به ، وفي بعض النسخ «القالون» بالقاف من القلى وهو البغض (وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شيء مثله) بحسب الذات (ولا شيء من الخلق في حاله) بحسب الصفات (قالوا أخبرونا إذا زعمتم أنه لا مثل لله ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها) إذ هذه الأسماء وهي السميع والبصير إلى آخر ما ذكر تطلق عليكم أيضا (فإن في ذلك) أي في مشاركتكم في أسمائه (دليلا على أنكم مثله في حالاته) التي دلت عليها تلك الأسماء (كلها أو في بعضها دون بعض) الترديد إما لعدم تحقق المشاركة في جميع أسمائه تعالى أو لكون المشاركة في البعض كافيا في مقام المناظرة والإلزام (إذ جمعتم الأسماء الطيبة) وذلك دل على أنكم مثله في المعنى إذ الاشتراك في المشتق يقتضي الاشتراك في المشتق منه.
وفي كتاب التوحيد وكتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام): «إذ جمعتكم الأسماء الطيبة» ولما أشار إلى منشأ شبهتهم وتقريرها بأن مشاركتكم معه في الأسماء تقتضي مشابهتكم ومماثلتكم معه في المعنى لأن الاسم دليل على المعنى المشترك بينكما أشار إلى الجواب عنها وحاصله أن الاشتراك هنا من باب الاشتراك في اللفظ دون المعنى بقوله (قيل لهم: إن الله تعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني) أي على سبيل الاشتراك في اللفظ دون المعنى (1) (وذلك كما يجمع الاسم الواحد