شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٤٧
(وخص نفسه بالوحدانية) إذ الوحدانية المطلقة إنما هي له وحده، وكل ما سواه ولو كان بسيطا فهو زوج تركيبي ومركب حقيقي إذ له ذات وإنية، وصفات وأينية، وسمات وكيفية، فهو متكثر من جهات متعددة.
(واستخلص بالمجد والثناء) المجد: الكرم، والمجد أيضا: الشرف، والثناء: المدح والتعظيم وذكر الخير وأسبابه. إذا عرفت هذا فنقول: له المجد على الإطلاق وله الثناء بالاستحقاق، لا يشاركه فيهما موافق رشيد، ولا ينازعه فيهما مخالف عنيد، أما الأول فلأن وجوده أشرف الوجودات وأفضلها وذاته أشرف الذوات وأكملها، وموائد كرمه مبسوطة على ساحة الإمكان، وعوائد نعمه منشورة على أهل المنع والإحسان، وليست هذه الكرامة لأحد سواه ولا يدعي هذه الشرافة أحد عداه، وأما الثاني فلأن الثناء إما بإزاء شرف الذات والصفات والوجود أو في مقابل المن والإعطاء والجود، وقد عرفت أن شيئا من ذلك لا يوجد في غيره جل شأنه ولا يتحقق لأحد سواه عظم برهانه. وكل من عداه وإن كان شريفا فهو ذليل وإن كان كريما فهو بخيل، وكل من سواه إن استحق الثناء في الجملة فلأن الله تعالى أولاه، ومن المعلوم أن العبد وما في يده لمولاه.
(وتفرد بالتوحيد والمجد والسناء) السناء بالقصر: الضوء، وبالمد: الرفعة، والسني: الرفيع، والأخير هو المراد هنا على الأظهر، أما تفرده بالتوحيد والمراد به التوحيد المطلق أعني التوحيد في عين الذات لانتفاء التركيب والأجزاء، والتوحيد في مرتبة الذات لانتفاء زيادة الوجود، والتوحيد بعد مرتبة الذات لانتفاء زيادة الصفات فظاهر; لأن غيره إما مركب أو بسيط، فإن كان مركبا انتفى عنه التوحيد بجميع أقسامه إذ له أجزاء ووجود وصفات زائدة عليه فهو متكثر من جميع الجهات، وإن كان بسيطا انتفى عنه التوحيد بالمعنيين الأخيرين. وأما تفرده بالمجد فقد عرفت وجهه ولا يبعد أن يراد بالمجد هنا الشرف والعز وفي السابق الكرم بقرينة ذكر الثناء معه; لأن الظاهر من الثناء أن يكون مقرونا بالكرم والإعطاء، وأما تفرده بالسناء أعني الرفعة والعلو على الإطلاق فلكونه أرفع وأعلى من غيره عموما بالرتبة والعلية إذ مصير جميع الخلائق في سلسلة الحاجة بذاوتهم ووجوداتهم وكمالاتهم إليه.
(وتوحد بالتحميد) أي بتحميده لنفسه كما هو أهله ولا يشاركه في تحميده كما هو حقه أحد حتى الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) كما يرشد إليه قوله (صلى الله عليه وآله) «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» أو بتحميد غيره له يعني لا يستحق أحد بتحميد الخلائق له هو، إلا هو. وأما تحميد غيره لنعمة أو كمال فيه فإنما هو تحميد له - تعالى شأنه - في الحقيقة كما بين في موضعه.
(وتمجد بالتمجيد) تمجيده يعني نسبته إلى المجد; يحتمل الأمرين مثل السابق (وعلا عن اتخاذ
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست