شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١١٩
باب الروح الغرض من هذا الباب هو بيان أن الروح ليس هو الله سبحانه كما زعمه طائفة من أهل الضلال.
* الأصل:
1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الأحول قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الروح التي في آدم (عليه السلام) قوله: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) قال: هذه روح مخلوقة والروح التي في عيسى مخلوقة.
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الأحول قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الروح التي في آدم (عليه السلام) قوله) قوله مجرور بدلا عن الروح أو عن آدم.
(فإذا سويته) أي أكملت خلقته وعدلت هيئته بحيث صار قابلا لنفخ الروح فيه (ونفخت فيه من روحي) الروح بالضم يذكر ويؤنث، والمطلوب من هذا السؤال (1) هو معرفة أن الروح قديم واجب كما زعم أو حادث غير واجب لا معرفة معنى الإضافة والنفخ فإن المتضمن لهما هو الأحاديث الآتية، ولا معرفة أن مفهومه ماذا فإنه مسكوت عنه في هذا الباب ولا بأس أن نشير إليه إجمالا ليحصل ذلك زيادة بصيرة فنقول: المراد بالروح هنا ما يشير الإنسان إليه بقوله أنا أعني النفس الناطقة المجردة المتعلقة بالبدن (2) تعلق التدبير والتصرف، والحياة عبارة عن هذا التعلق، والموت

1 - قوله: «والمطلوب من هذا السؤال» ليس سؤال السائل عن الروح التي بها حياة الإنسان والحيوان بل المقصود تفسير قوله تعالى: «ونفخت فيه من روحي» فإن المستفاد منه أن جزء من الله تعالى حل في آدم نعوذ بالله تعالى مع أنه يستحيل عليه تعالى التجزي والحلول فأجاب (عليه السلام) بأن هذه الروح مخلوقة بحكمته ومشيئته في آدم لا أن شيئا من الله تعالى انفصل منه ودخل في آدم. (ش) 2 - قوله: «النفس الناطقة المجردة المتعلقة بالبدن» تصريح من الشارح - رحمه الله - بأن نفس الإنسان مجردة، والمجرد في اصطلاح الفلاسفة الجوهر القائم بنفسه غير قابل للأبعاد الثلاثة وهو ليس في مكان ولا له وضع ولا يشار إليه حسا وأكثر الناس لا يعترفون بوجود موجود هذه صفته إذ لا يؤثر الشيء غير الجسماني في حاستهم الجسمانية، وأنكر العلامة المجلسي رحمه الله في البحار تجرد النفس بل تجرد شئ غير واجب الوجود ولكن جما غفيرا من الخاصة والعامة صرحوا بتجرد النفس، قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: (لا تحسبن الذين قتلوا...) الآية، تدل على أن الإنسان غير الهيكل المحسوس بل هو جوهر مدرك بذاته لا يفنى بخراب البدن ولا يتوقف عليه إدراكه وتألمه والتذاذه، وقال في تفسير قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله...) في سورة البقرة.
وفيها دلالة على أن الأرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن تبقى بعد الموت دراكة وعليه جمهور الصحابة والتابعين وبه نطقت الآيات والسنن انتهى.
وعرفوا مذهب الصحابة والتابعين بأنهم كانوا يزورون أمواتهم ويستغفرون لهم ويهدون لهم الثواب ويعبدون نيابة عنهم وكانوا يرون رسول الله يكلم الأموات فقد كلم أصحاب القليب وكلم سعد بن معاذ لما دفنه وقال: رأيته في قبره يعانق الحور العين، ومر على قبر سمع منه صوت صاحبه يعذب في البقيع وغير ذلك وآمن به الصحابة من غير أن يروا ويسمعوا ما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسمعه وعرفوا أن هذا نوع من الحياة غير الحياة الدنيوية التي يرى آثارها جميع الناس ولا يختص بالأنبياء ولو كان الحياة بعد الموت بالروح البخاري الذي يتحلل بفساد البدن لم يتعقل له بقاء وأما من قال إنه جسم لطيف مخالط للبدن ويدخل فيه ويخرج منه من غير أن يتحلل ويفسد، فقوله بمعزل عن قابلية النقل والتكلم فيه; لأن الحيوان إذا سد مسامه ومخارقه يموت سريعا مع أنه لا يمكن أن يخرج منه شيء. (ش)
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست