شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١١٥
فقال: كذبوا، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوق ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه.
قلت: بين لي جعلت فداك.
فقال: إن الله حمل دينه وعلمه الماء قبل أن يكون أرض أو سماء أو جن أو أنس أو شمس أو قمر، فلما أراد الله أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق، رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة صلوات الله عليهم فقالوا: أنت ربنا، فحملهم العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة ديني وعلمي وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون، ثم قال لبني آدم: أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالولاية والطاعة، فقالوا: نعم ربنا أقررنا، فقال الله للملائكة: اشهدوا، فقالت الملائكة: شهدنا على أن لا يقولوا غدا: إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون. يا داود، ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق.
* الشرح:
(محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن كثير، عن داود البرقي:
قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى (وكان عرشه على الماء) (1) فقال: ما يقولون؟
قلت: يقولون: إن العرش كان على الماء) أي على متن الماء قبل الأرض والسماء، وقيل: معناه أنه

1 - قوله: «كان عرشه على الماء» نقل صدر المتألهين عن بعض العلماء تشبيها بديعا حاصله أن أعظم المخلوقات مهابة وجلالة المكان والزمان، أما المكان فهو الفضاء الذي لا غاية له، وأما الزمان فهو الامتداد الخارج من قعر ظلمات عالم الأزل في ظلمات عالم الأبد، فالأول والآخر صفة الزمان، والظاهر والباطن صفة المكان، فالحق سبحانه وسع المكان ظاهرا وباطنا ووسع الزمان أولا وآخرا، وإذا كان المدبر للزمان والمكان هو الله سبحانه كان منزها عن المكان والزمان، إذ عرفت هذا فنقول: الحق سبحانه له عرش وله كرسي فعقد الزمان بالعرش فقال (وكان عرشه على الماء) لأن جرى الزمان يشبه جرى الماء وعقد المكان بالكرسي; لأن مكانه أعلى الأمكنة وأوسعها والعرش لا مكان له فالعلو صفة الكرسي والعظمة صفة العرش انتهى. وفي تفسير المنار تأويل الماء بالمادة السائلة التي يعتقد أهل عصرنا أن تكون الكواكب والشموس والأرض كان منها باعتقادهم وهي مسماة عندهم بالسديم ومعنى كون عرشه على الماء أن تدبيره وملكه يجرى على الأشياء وكلامه مبنى على أن الفضاء غير متناه ولا يتصور إحاطة جسم واحد بكل ما في العالم، وقد ذكرنا الأدلة على التناهي سواء قلنا بالهيئة الجديدة أو القديمة، وقلنا: إن الحكم بعدم تناهي الفضاء من غير أن نحس به أو يدل عليه دليل أما تخرص على الغيب أو حكم بكون المكان واجب الوجود ذاتا غير مخلوق، وأقرب من هذا التأويل تشبيه الوجود المنبسط الساري وهو الإضافة الاشراقية بين المبدأ والممكنات بالماء، ولعله ألصق بكلام الإمام (عليه السلام) أيضا. (ش)
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست