شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٢٤
فإن قلت: الاستعارة على ما ذكرت تمثيلية والاستعارة التمثيلية لا يعتبر فيها التشبيه في المفردات.
قلت: نعم ولكن لا بد من أن يكون للمفردات التي في طرف المشبه به نظائر في طرف المشبه بحيث يصح أن يقع بينهما التشبيه وبناء هذا السؤال والجواب على ذلك، ومما يناسب ذكره في هذا المقام.
ويوضح الجواب ما نقله الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج وهو أن الزنديق سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسائل كثيرة - إلى أن قال له - فهل يوصف الروح بخفة وثقل ووزن؟ قال (عليه السلام): الروح بمنزلة الريح في الزق إذا نفخت فيه امتلاء الزق منها فلا يزيد في وزن الزق (1) ولوجها فيه ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن. قال: فأخبرني ما جوهر الريح قال: الريح هواء إذا تحرك سمي ريحا فإذا سكن سمي هواء وبه قوام الدنيا ولو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شيء على وجه الأرض ونتن، وذلك أن الريح بمنزلة المروحة تذب وتدفع الفساد عن كل شيء وتطيبه، فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدن نتن البدن وتغير (تبارك الله أحسن الخالقين).
(وإنما سمي روحا) هذا توضيح للجواب المذكور يعني إنما سمي الروح الجاري آثاره وتصرفه في البدن روحا (لأنه اشتق اسمه من الريح) قال صاحب كتاب الإكمال: وإنما سمي الريح الخارج من نفخ جبرائيل (عليه السلام) الداخل في البدن روحا لأنه يخرج من الروح يعني جبرائيل (عليه السلام) فهذا وجه آخر للتسمية. ثم أشار إلى وجه الاشتقاق بقوله (وإنما أخرجه) أي إنما أخرج اسم الروح (عن لفظه الريح) أي على وفقه، وفي بعض النسخ «عن لفظ الريح» يعني إنما اشتق اسم الروح عن لفظ الريح (لأن الأرواح مجانسة) بحسب المعنى والتحرك والتصرف وإصلاح ما تمر عليه (الريح) وإذا تحققت المجانسة المصححة للاشتقاق صح الاشتقاق كما هو المقرر عن أهله (وإنما أضافه إلى نفسه) حيث قال (من روحي) (لأنه اصطفاه على سائر الأرواح) الحيوانية والنباتية لكونه مبدأ لآثار شريفة وأطوار عظيمة لا تترتب عليها، فالإضافة للاختصاص والتشريف والإيجاد بلا واسطة شيء لا لإفادة أنه سبحانه أو بعضه لامتناع ذلك واستحالة حلوله عز وجل في غيره عقلا ونقلا (كما قال لبيت من البيوت: بيتي ولرسول من الرسل: خليلي وأشباه ذلك) هذا الحديث بعينه رواه الشيخ في الاحتجاج مرسلا عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) إلا أن فيه كما اصطفى بيتا من البيوت فقال: بيتي، وقال لرسول من الرسل: خليلي (وكل ذلك) المذكور من الروح والبيت والرسول (مخلوق مصنوع

1 - قوله: «ولا يزيد في وزن الزق» أقول: ثبت بالآلات الدقيقة في زماننا أن الهواء له وزن أيضا ويزيد وزن الإناء إذا ولج فيه الهواء على ما إذا كان خاليا فمراد الإمام (عليه السلام) على فرض صحة الخبر أن وزنه ضعيف غير محسوس ملحق بالعدم ويستأنس به للإقرار بوجود شيء لا وزن له. (ش)
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست