شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٢٠
هو قطع هذا التعلق مع بقائها في ذاتها كما صرح به جم غفير من الخاصة والعامة، والروح بهذا المعنى هو المعروف في القرآن والأحاديث. وقد تحير العقلاء في حقيقته واعترف كثير منهم بالعجز عن معرفته حتى قال بعض الأكابر: إن قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «من عرف نفسه فقد عرف ربه» معناه أنه كما لا يمكن التوصل إلى معرفة النفس أعني الروح كذلك لا يمكن التوصل إلى معرفة الرب، وقوله تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) (1) مما يعضد ذلك وحمل الروح هنا على ما هو مبدأ للتأثير والحركة والحياة سواء كان مجردا عن الكثافة الجسمانية أو منطبعا في مادة جسمانية ليشمل الأقسام الخمسة التي يجيء ذكرها في كتاب الحجة أعني روح القدس الذي به يعرفون الأشياء، وروح الإيمان الذي به يخافون الله تعالى، وروح القوة الذي به يقدرون على طاعة الله تعالى، وروح الشهوة الذي به اشتهوا طاعته وكرهوا معصيته، وروح المدرج الذي به يذهبون ويجيئون وإن كان محتملا لكنه بعيد جدا.
(قال: هذه روح مخلوقة والروح التي في عيسى مخلوقة) ولا يتوهم من إضافتها إليه سبحانه أنها هو وأنها قديمة; لأن الإضافة للإيجاد والتشريف وقد سمعت عن بعض الثقات ما يناسب ذكره في هذا المقام وهو أن بعض النصارى حضر بلدا من بلاد الإسلام وحضر عنده جماعة من أهل العلم وكلموه فقال لهم: اصبروا حتى أشرب خمرا فلما شربها وظهر فيه مبادى النشاط قال لهم: نبيكم

1 - قوله: (ما أوتيتم من العلم إلا قليلا) لا يدل على عدم علمهم بالروح أصلا أو على بطلان ما علموا بل على صحته وقلته بالنسبة إلى ما لا يعلمون، وإنما يدل على صحة علمهم بمفاد الاستثناء من النفي فإنه إثبات يعني أوتى الناس من قبل الله علم صحيح ولكنه قليل، وأهم ما عرفناه من الروح تجرده وبقاؤه بعد فساد البدن وتألمه وتلذذه كأشد ما يمكن أن يكون بعد فراق الدنيا فإنه يتخلص للإدراك والتألم والتلذذ من الإدراك ولا نعرف شيئا من تفاصيل الحياة الآخرة إلا من طريق الوحي. (ش)
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست