شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١١٦
كان فوق الماء محاذيا له لم يكن بينهما حائل لا أنه كان موضوعا على متنه، واستدلوا بذلك على أن الماء أول حادث من أجرام هذا العالم وقيل: كان الريح أول حادث وكان الماء على متنه، أقول: ما قالوا من أن الماء أول حادث دل عليه ما رواه المصنف في كتاب الروضة بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل قال: «ولكنه يعني الله تعالى كان إذ لا شيء غيره وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه، وخلق الريح من الماء» وهذا كما ترى دل أيضا على بطلان قول من قال:
الريح أول حادث قبل الماء (والرب فوقه) كما أن الملك فوق عرشه، أقول: هذا مذهب طائفة من العامة وأما أكثرهم فقد حملوا العرش على المعنى المعروف ولكن نزهوه تعالى عن أن يكون فوقه جالسا عليه مفتقرا إليه وقالوا: إنما إضافته إليه كإضافة البيت ونحوه إليه (فقال كذبوا) على الله حيث فسروا كلامه بآرائهم وحملوه على خلاف ما أراد منه، ثم بين كذبهم بقوله (من زعم هذا فقد صير الله محمولا) يحمله عرشه (ووصفه بصفة المخلوق) المفتقر إلى محل يعتمد عليه (ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه) وإنما غير الأسلوب. وقال: لزمه، لأن ذلك ليس مذهبه وإنما لزمه من حيث لا يعلم لأنه إذا اعتقد أنه محمول لزمه بالضرورة أن يكون حامله أقوى منه (قلت بين لي) ما هو المقصود من الآية (جعلت فداك فقال: إن الله حمل دينه وعلمه الماء) أي حمل الماء عبادته وطاعته أو سلطانه ومعرفته وعلمه بحقايق الأشياء وخواصها وآثارها وكمياتها ومقاديرها وكلياتها وجزئياتها على ما هي عليه في نفس الأمر (قبل أن يكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر) لا يبعد أن يقال: تحميل ذلك على الماء باعتبار أن فيه جزءا ماديا لمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وقال بعض المحققين: المراد بالماء هنا العقل القدسي (1) الذي هو حامل عرش المعرفة (فلما أراد أن يخلق الخلق) لعل المراد بالخلق ذوو العقول الدراكة مثل الملائكة والجن والإنس، وحمله على العموم بحيث يشمل الناطق والصامت والمتحرك والجامد أيضا محتمل إذ كل صامت وجامد بحسب الظاهر فهو ناطق بحسب الباطن بلسان الحال بل بلسان المقال كما يرشد إليه قوله تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) وقوله تعالى (أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) ويرشد إليه أيضا نطق الكعبة والنملة والحصى وغير ذلك (نثرهم بين يديه) وذلك بأن قبض قبضة من تراب خلق منها آدم (عليه السلام) فصب عليها الماء العذب

1 - قوله: «العقل القدسي» لأن نسبة العبادة والعلم إلى الماء المعروف تكلف لا يتسق مع ألفاظ الحديث. (ش)
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست