شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٠٥
محمول ليورد عليه أن هذا الإقرار مناف لذلك الجواب لأنه إذا كان محمولا كان بعض الأشياء أقرب إليه من بعض بالضرورة (فقال أبو الحسن (عليه السلام)) إنكارا لذلك على سبيل الاستدلال (كل محمول مفعول به) لأنك إذا قلت حملت شيئا كان ذلك الشيء مفعولا به وكل مفعول به متأثر منفعل (مضاف إلى غيره) وهو الحامل للتأثر والانفعال منه (محتاج) (1) إلى ذلك الغير في الاتصاف بالتأثر والانفعالية والمحمولية، وكل ذلك على الله محال (والمحمول) عطف على قوله كل محمول وإشارة إلى دليل آخر (اسم نقص في اللفظ) بحسب ظاهر مفهومه وصريح منطوقه فهو ليس من الصفات الكمالية (والحامل فاعل وهو في اللفظ مدحة) أي ما يمدح به من الصفات الكمالية فلو أطلق المحمول على الله سبحانه لزم إطلاق أخس طرفي النقيض عليه، وإطلاق أشرف طرفيه على خلقه وهو ممتنع (وكذلك قول القائل: فوق وتحت وأعلى وأسفل) (2) فإن التحت والأسفل نقص في اللفظ، والفوق والأعلى مدحة فلا يجوز إطلاق التحت والأسفل عله لما مر، والحاصل أن كل أمرين إضافيين وكل معنيين متقابلين يكون أحدهما أخس من الآخر لا يجوز إطلاق لفظه عليه سبحانه أصلا لا تسمية ولا وصفا، فلا يجوز أن يقال: هو محمول وتحت وأسفل ومرحوم ومغفور وأمثال ذلك، وأما إطلاق لفظ الأشرف فإن وجد له معنى صحيح له تعالى وورد الإذن مثل الحامل والفوق والأعلى صح فإنه حامل جميع الأشياء بالحفظ والعلم والإيجاد وفوقها وأعلاها بالقدرة والاستيلاء (وقد قال الله تعالى)

1 - قوله: «مضاف إلى غيره محتاج» يشير (عليه السلام) إلى الحدوث الذاتي، والظاهر أن أبا قره لم يكن يعرف هذا المعنى قط وكان يظن أن واجب الوجود إذا كان قديما لم يناف وجوبه احتياجه إلى غيره فأبان (عليه السلام) أن نفس الاحتياج والتعلق والإضافة إلى غيره يباين ألوهيته، ووجوب وجوده، وأن المحتاج إلى غيره وإن كان قديما زمانا ليس واجب الوجود، ثم لا ريب انه كان يتصور واجب الوجود قديما زمانا لا أول له وكان يتصور العرش أيضا قديما لا أول له لعدم تصوره وجود الواجب من دون مكان له هو العرش والأمر كان دائرا بين أن يقول بوجود موجودين غير محتاجين أي واجبين أحدهما العرش والثاني الله تعالى أو باحتياج العرش إلى الواجب تعالى أو باحتياج الواجب تعالى إلى العرش، فالزمه (عليه السلام) بأن الحق هو الاحتمال الثاني وأن العرش محتاج إليه تعالى لأنه إن فرض احتياجه إلى عرشه ثبت له مع قدمه الزماني الحدوث الذاتي وهو ينافي الألوهية، وقد ذكر المتكلمون أن العالم محتاج إلى العلة لإمكانه لا لحدوثه. (ش) 2 - قوله: «وكذلك قول القائل فوق وتحت» قد يكون المعنى مما يصح نسبته إلى الله تعالى واطلاقه عليه لكن يذهب ذهن السامع منه إلى نقص فلا يجوز اطلاقه لذلك ومثاله ما ذكر فإن الله تعالى في جميع الأمكنة بمعنى أن نسبته إلى جميعها نسبة واحدة فوق وتحت وأعلى وأسفل ولكن لا يجوز إطلاق التحت والأسفل عليه لأنه يلازم في ذهن الناس معنى التوهين والنقص ولذلك لا يجوز أن يقال إنه تعالى لا يبصر شيئا، ولا يسمع، ولا يدرك الجزئيات ولا يصدر عنه إلا واحد وأمثال ذلك، ويجوز أن يقال يبصر بلا عين ويسمع بلا إذن ويدرك الجزئيات بلا جارحة وأول ما خلق الله نور محمد (صلى الله عليه وآله). (ش)
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست