شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٠١
هو العلم أشار هنا إلى أن حملته الثمانية هم العلماء، قال الصدوق - رحمه الله -: أما العرش الذي هو العلم فحملته أربعة من الأولين وأربعة من الآخرين فأما الأربعة من الأولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) وأما الأربعة من الآخرين فمحمد وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين، هكذا روي بالأسانيد الصحيحة عن الأئمة (عليهم السلام) في العرش وحملته، وإنما صار هؤلاء حملة العرش الذي هو العلم; لأن الأنبياء الذين كانوا قبل نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) كانوا على شرايع الأربعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) ومن قبل هؤلاء الأربعة صارت العلوم إليهم وكذلك صار العلم بعد محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين إلى من بعد الحسين من الأئمة (عليهم السلام) وأما العرش الذي هو حامل الخلق ووعاؤه فحملته ثمانية من الملائكة (1) لكل واحد ثماني أعين كل عين طباق الدنيا، واحد منهم على صورة بني آدم يسترزق الله تعالى لبني آدم وواحد منهم على صورة الثور يسترزق الله تعالى للبهائم كلها وواحد منهم على صورة الأسد يسترزق الله تعالى للسباع وواحد منهم على صورة الديك يسترزق الله تعالى للطيور، فهم اليوم هؤلاء الأربعة فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.
(وليس يخرج عن هذه الأربعة) أي عن هذه الأنوار الأربعة (شيء خلق الله في ملكوته) أي في ملكه والتاء للمبالغة في عظمته (وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله (عليه السلام)) فرأوا بعين البصر والبصيرة كل شيء على ما هو عليه من الذوات والصفات وسائر الحالات (فقال: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض)) الدال على كمال الربوبية والقدرة والتدبير، والمشتمل على عجائب الخلقة وغرائب الصنعة والتقدير.
(وليكون من الموقنين) أي ليستدل بذلك على كمال الصانع وليكون من الموقنين، أو وفعلنا ذلك

1 - قوله: «فحملته ثمانية من الملائكة» قال الفاضل ابن ميثم في شرح النهج في صفة حملة العرش: أما من قال أن الملائكة أجسام كان حمل صفاتهم المذكورة في هذه الأخبار وفي كلامه (عليه السلام) على ظاهرها أمرا ممكنا وأنه تعالى قادر على جميع الممكنات، وأما من نزههم عن الجسمية فقال: إن الله سبحانه لما خلق الملائكة السماوية مسخرين لأجرام السماوات مدبرين لعالمنا عالم الكون والفساد وأسبابا لما يحدث فيه، كانوا محيطين بإذن الله علما بما في السماوات والأرض، فلا جرم كان منهم من ثبت في تخوم الأرض السفلى أقدام إدراكاتهم التي ثبتت واستقرت باسم الله الأعظم وعلمه الأعز الأكرم ونفذت في بواطن الوجودات خبرا ومرقت من السماء العليا أعناق عقولهم - إلى آخر ما قال - وإنما ذهبوا إلى تجردهم لأنهم رأوا وصفهم بأوصاف مختلفة لا تجتمع في الأجسام المادية، مثل ما روي أنهم في جميع الأمكنة كما في النهج، وما روي أنهم فوق السماء السابعة وأنهم في صورة بعض الحيوانات أو أنهم في صورة غيرها شبيهة بالانسان أو أنهم أربعة بألوان أربعة مع علم وقدرة كما مر، وأنهم لا يزاحمون الأجسام الأخر في المكان ويتمثلون بصور مختلفة ويدخلون من الباب المسدود وأمثال ذلك، ولم يمكنهم تكذيب جميع ذلك ونسبتها إلى الوضع والجعل لا جرم التزموا بتجردهم حتى يصح وصفهم بهذه الصفات باعتبارات مختلفة. (ش)
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست