شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٠٧
تقدير من تقديراته، وعلى الثاني مجرور على أنه بدل لغيره والخلق بمعنى المخلوق يعني أضاف حمله إلى غيره الذي هو مخلوق من مخلوقاته (لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه وهم حملة علمه) ضمير الجمع يعود إلى خلقه لأنه جنس يصدق على الكثير يعني أن المراد بالعرش العلم وهم حملة علمه أحاطوا بإذن الله تعالى علما بما في السماوات والأرض وما بينهما وبكل شيء يليق به سبحانه (وخلقا يسبحون حول عرشه) خلقا عطف على «خلقه» يعني استعبد خلقا بأن يسبحوا حول عرشه كما قال (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم) وقال: (وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم) أي يذكرون الله بمجامع الثناء من صفات الكمال ونعوت الجلال (وهم يعملون بعلمه) ضمير الجمع يعود إلى خلقه وخلقا جميعا أي حملة العرش ومن حوله يعملون بمقتضى علمه ولا يخالفونه طرفة عين (وملائكة يكتبون أعمال عباده) ملائكة بالنصب عطفا على خلقا أي: استعبد ملائكة يكتبون أعمال عباده كلها صغيرة كانت أو كبيرة خيرا كانت أو شرا ليكون شاهدا لهم وعليهم يوم القيامة (واستعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته) كما استعبد خلقا يسبحون حول عرشه، وإنما ذكر الطواف وحده مع أن عليهم عبادات كثيرة، لأن الطواف من أعظم العبادات المالية والبدنية جميعا.
وفي هذا الكلام إشارة إلى أن تفويض حمل العرش إلى غيره لا يخرجه عن التصرف في ملكه بل هو تدبير من تدبيراته وتقدير من تقديراته لأنه تعالى خلق أنواعا من الخلق واستعبد كل نوع بما يليق به من العبادة وهو حافظ رقيب عليهم يساوي نسبته إلى الجميع ونسبة الجميع إليه كما أشار إليه بقوله (والله على العرش) أي مستول عليه بالقدرة والحفظ (استوى كما قال) أي استوى على كل شيء بحيث لا يكون شيء من الأشياء أقرب إليه من شيء آخر كما قال: (الرحمن على العرش استوى) وقال ذلك في مواضع عديدة من القرآن الكريم.
(والعرش ومن يحمله ومن حول العرش) أي سواء في نسبتهم إليه سبحانه ونسبته إليهم بالحفظ والمراقبة فقوله «والعرش» وما عطف عليه مبتدأ خبره محذوف وهو «سواء» بقرينة السابق واللاحق وعطفه على الأرض بمعنى استعبدهم أيضا محتمل (والله الحامل لهم) بالعلم والإحاطة (الحافظ لهم) من المهالك والمعاطب والجهالة بالنصر والتوفيق والإعانة.
(الممسك) لهم عن الفناء والزوال والرجوع إلى ما يناسب طبيعة الإمكان من الفساد والبطلان.
(القائم على كل نفس) بالتدبير لأحوالها والحفظ لأعمالها والرعاية لحركاتها وسكناتها والعلم بقصودها ونياتها (وفوق كل شيء وعلى كل شيء) فوقية عقلية لا حسية وعلوا على الإطلاق لا إضافيا، وذلك أن أعلى مراتب الكمال هو مرتبة العلية، ولما كانت - تعالى شأنه - مبدأ كل شيء حسي
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست