شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٠٩
الإنكار بحذف أداته (بالرواية التي جاءت أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه، أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم) الكاهل كصاحب الخلف أو مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق وهو الثلث الأعلى (فيخرون سجدا فإذا ذهب الغضب خف) أي خف الله وخف بخفته العرش (ورجعوا إلى مواقفهم) زعم أن العرش جسم كالسرير، وأن الله تعالى جالس فيه، وأنه يعرضه الغضب من جهة عصيان العباد فيوجب ثقله، وأنه تعالى ينتقل من الخفة إلى الثقل ومن الثقل إلى الخفة (فقال أبو الحسن (عليه السلام)) تعريضا بكذب تلك الرواية للتصريح بفساد مضمونها (أخبرني عن الله تبارك وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه فمتى رضي؟) وخف ورجع الحملة إلى مواقفهم، والاستفهام للإنكار (وهو في صفتك) الواو للحال أي والحال أنه تعالى في وصفك إياه (لم يزل غضبان عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه) وغضبه سبب لثقله كما زعمت، ووجود السبب مستلزم لوجود المسبب فيكون هو ثقيلا دائما (كيف تجترئ) (1) الاجتراء: الإقدام على الشيء من غير مبالاة، والاستفهام للتوبيخ (أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال) مثل التغير من الخفة إلى الثقل ومن الثقل إلى الخفة (وأنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين) من الغضب والثقل والحركة التابعة لهما (سبحانه وتعالى لم يزل مع الزايلين ولم يتغير مع المتغيرين ولم يتبدل مع المتبدلين) أي لم يتصف بالزوال والفناء ليكون مع الزايلين ومن جنسهم ولا بالتغير من الكيفيات الجسمانية ليكون مع المتغيرين فيها ولا بالتبدل من الوصف اللائق به إلى آخر ليكون مع المتبدلين في الأوصاف بل هو باق لا يطرأ عليه الزوال والفناء وثابت لا يعرضه التغير والفناء، وحق لا يتصف بالتبدل والرجاء ف‍ «مع» في المواضع الثلاثة مع مدخولها في محل النصب على أنه حال عن الفاعل وقيد للمنفي، ثم أشار إلى أن كونه على العرش عبارة عن جريان قدرته عليه ونفاد تدبيره فيه وإلى أنه لا يحتاج في نفاذ حكمه إلى الغضب بالمعنى المعروف وما يتبعه من الثقل والتغير والحركة; لأن ذلك من صفات الناقصين

١ - قوله: «كيف تجترئ أن تصف ربك» والظاهر أن أبا قرة كان من المحدثين الذين لا يراعون في التمسك بالأحاديث المروية عدم مخالفتها للقرائن العقلية والنقلية اليقينية بل لا يبالون بمخالفة القرآن أيضا فنبهه (عليه السلام) على أن الرواية إذا كانت مخالفة للعقل الصريح لم يجز قبولها والتمسك بها، وهذه كما ترى تباين ما علم ضرورة من القرآن أن الله تعالى غضب على إبليس ولن يرضى عنه قط فيلزم كون العرش ثقيلا دائما لم يخف في زمان أصلا، وأيضا تخالف العقل الحاكم بأن محل الحوادث حادث وأن واجب الوجود لا يتغير عن حال إلى غيرها، ولو كان أبو قرة من حشوية المتأخرين لتحكم بأن العقل لا عبرة به في مقابل أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأن ملفقات العقول أوهام وشبهات لا يعارض بها الوحي الثابت من المعصوم وأن ظاهر القرآن ليس بحجة لأنا لا نفهمه. (ش)
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست