الظاهر أنه دليل ثالث (وله الأسماء الحسنى فادعوه بها) المراد بها ما ورد الاذن بالتسمية والوصف به لا مطلق أشرف المتقابلين فإن السخي والفاضل مثلا أشرف مما يقابلهما وليسا من أسمائه الحسنى.
(ولم يقل في كتبه إنه المحمول) فلا يجوز لأحد أن يطلق عليه هذا اللفظ لعدم الإذن مع اشتماله على النقص (بل قال: إنه الحامل في البر والبحر والممسك السماوات والأرض أن تزولا) ليس المراد بالحمل والإمساك المعنى المعروف فينا لتعاليه عنه، بل المراد بهما الحفظ بمجرد إرادته النافذة والإمساك بمساك قدرته الكاملة (والمحمول ما سوى الله) أي كل شيء سواه محمول لا هو أو كل محمول سواه (ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول) الظاهر أنه دليل رابع وفيه تعريض لمن قال: هو محمول، أنه ليس بمؤمن.
(قال أبو قرة فإنه قال: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) وقال: (الذين يحملون العرش) تمسك بهاتين الآيتين على سبيل المعارضة لزعمه أن فيهما دلالة على أنه محمول باعتبار أن العرش جسم وهو جالس عليه فمن حمل العرش فقد حمله أيضا.
(فقال أبو الحسن (عليه السلام): العرش ليس هو الله، والعرش اسم علم وقدرة، وعرش فيه كل شيء) (1) يعني أن الآية لا تدل على أنه تعالى محمول وإنما تدل على أن العرش محمول، والعرش ليس هو الله بل العرش اسم علم محيط بجميع الأشياء واسم قدرة نافذة فيها واسم جسم فيه كل شيء وهو الفلك الأعظم، وعلى شيء من هذه المعاني لا يلزم أن يكون - تعالى شأنه - محمولا. أما على الأولين فظاهر وأما على الأخير فلأن إضافة العرش إليه سبحانه ليست لأجل افتقاره إليه وجلوسه عليه بل لأجل التعظيم والتشريف، وإنما نفى أن العرش هو الله مع أن المعارض لم يدع ذلك حسما لمادة النزاع بالكلية (ثم أضاف الحمل إلى غيره) أضاف إما بكسر الهمزة على أنه مصدر مبتدأ مضاف بحذف التاء لقيام المضاف إليه مقامها مع ثقل الإضافة كما في إقام الصلاة، أو بفتحها على أنه فعل فقوله (خلق من خلقه) على الأول مرفوع على أنه خبر، والخلق بمعنى التقدير، يعني إضافة حمل العرش إلى غيره