شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٨٠
تتجاوز عن طرق المحسوسات، وأيدي إدراكاتها لا تتناول غير الجسم والجسمانيات، وعالم القدس بعيد عن عالم الممكنات، وجناب الحق منزه عن تحديده بالصفات والكيفيات.
(لا يشبه بالناس) لا بالذات والصفات ولا بالصور وكيفياتهم (موصوف بالآيات) إشارة إلى طريق معرفته يعني أنه موصوف بأن له آيات دالة على وجوده وعلمه وقدرته وحكمته كما أشار إلى تلك الآيات بقوله (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).
(معروف بالعلامات) لأنه أرانا من علامات قدرته وعجايب حكمته وآثار إرادته مثل السماوات العلى والأرضين السفلى وغيرها من الصنايع الغريبة والبدايع العجيبة ما ينطق بوجوده وإن كان صامتا وينادي إلى وحدانيته وإن كان ساكتا ويدعو إلى ربوبيته وإن كان خافتا إلا أن أبصار الناظرين في إبصار هذه الآيات وقلوب العارفين في مطالعة هذه العلامات على درجات متفاوتة ومقامات متباعدة.
(لا يجوز في حكمه) التكويني والتشريعي لأن كل حكمه صواب يترتب عليه مصالح غير معدودة ومنافع غير محصورة، وأيضا الجائز في الحكم ناقص في العلم ضعيف في الحلم يطلب به جلب المنفعة ودفع المضرة أو تشفي النفس، وقدس الحق منزه عن جميع ذلك فسبحان الذي كل شيء آمن من ظلمه خائف من عدله.
(ذلك الله لا إله إلا هو) «ذلك إشارة إلى الموصوف بالصفات المذكورة لكمال ظهوره و «الله» خبر وكلمة التوحيد خبر بعد خبر أو بدل عنه أو حال والعامل معنى الإشارة وفيه تنزيه له عن الشريك والنظير وتخصيص له بالإلهية والتدبير.
(قال فخرج الرجل وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته) هذا تصديق بأن الرسالة ليست للشوكة والمال ولا للكسب والمنال ولا لكثرة العشيرة والإخوان ولا لتعدد الأنصار والأعوان بل هي بفضايل نفسانية وكمالات روحانية يخص الله تعالى بها من يشاء من عباده، فيختار لرسالته من علم أنه يصلح لها وهو أعلم بالمكان الذي يضعها فيه، والظاهر أن هذا لرجل آمن به (عليه السلام) واعتقد بإمامته.
* الأصل:
6 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء حبر إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين! هل رأيت ربك حين عبدته؟ قال: فقال: ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره، قال: وكيف رأيته؟
قال: ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست