شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٨٢
(جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي (1) والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش) قال الصدوق (رحمه الله) «الكرسي وعاء جميع الخلق (2) وكل شيء خلقه الله تعالى في الكرسي» وفي وجه آخر «هو العلم والعرض حملة جميع الخق» وفي وجه آخر «هو العلم».

1 - قوله «جزء من سبعين جزء من نور الكرسي» تأول العلامة المجلسي (رحمه الله) هذا الحديث بالتمثل مع أنه (رحمه الله) لم يكن من عادته إخراج الألفاظ من ظواهرها وكان يقدح فيمن يرتكب التأويل أشد قدح وأفظعه وإن بلغ في العلم ما بلغ وذلك لاتفاق علمائنا رضوان الله عليهم في جواز التأويل وإخراج الألفاظ من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي إذ قام الدليل العقلي على امتناع إرادة الحقيقة مثل ما رأيت أسدا في الحمام وقمرا في البيت إلا أنهم يختلفون فبعضهم يعد شيئا قرينة عقلية يجوز به التأويل وبعضهم لا يعده مثلا شيخنا البهائي (قدس سره) كان يعتقد أن الخسوف والكسوف للحيلولة وقد أورد المجلسي (رحمه الله) في المجلد الرابع عشر ص 126 كلاما طويلا في تخطئة من يعتقد مثل اعتقاده وذلك لرواية رواها عن تفسير علي ابن إبراهيم أن الكسوف والخسوف بأن يدخل الله تعالى الشمس والقمر في بحر فيطمس ضوئهما ثم أراد الدوائر على من أول البحر بظل الأرض في الخسوف وظل القمر في الكسوف كما يؤوله المجددون في عصرنا وجعلهم شرا من المشركين وعبادة الأوثان.
والحق عندي أنهم إذا كانوا متفقين على جواز التأويل وكان اختلافهم في الموارد والصغريات وكان الأنظار مختلفة في كون شيء قرينة عقلية على إرادة خلاف الظاهر فلا طعن على الناس باختلافهم في فهم القرائن والله الموفق. (ش) 2 - قوله «الكرسي وعاء جميل الخلق، وقد ثبت في محله أن غير المتناهي في الأبعاد محال والفضاء غير المتناهي الذي يلهج به أهل عصرنا باطل والاستدلال عليه بأدلة منها البرهان السلمي وبيانه أنا إذا فرضنا زاوية مقدرة بستين درجة وضلعاها غير متناهي وتقرر في الهندسة أن الفاصلة بين ضلعي هذه الزاوية مساوية لكل واحد من الضعلين وإذا كان الظلعان غير متناهيين بالفرض كانت الفاصلة غير متناهية مع أنها محصورة بين الحاصرين وهو مجال فالبعد غير المتناهي محال.
ومنها البرهان الترسي وبيانه: أنا نفرض قطر دائرة موازيا لخط غير متناه ثم ندير الدائرة على مركزها فلا بد أن يخرج القطر من الموازاة للخط غير المتناهي إلى المسامتة ولا بد أن يكون للمسامته أول لأنها حادثة بعد العدم فليس ما فرضناه غير متناه غير متناه إذ له أول هو أول نقطة المسامتة الحادثة.
ومنها برهان التطبيق وبيانه أنا نفرض سلسلتين غير متناهيتين من أفراد غير متناهية كل واحد من إحديهما يقابل فردا من أخرى مثلا سلسلة من رجال غير متناهية وسلسلة من دنانير غير متناهية بإزاء كل واحد دينار فيأخذ كل رجل دينارا واحدا ثم نفرض إخراج عدة دنانير من أول السلسلة الذي يلينا ونجعل الدينار الأول من الباقي للرجل الأول وهكذا الثاني للثاني على الترتيب فيلزم أن يبقى من الرجال بعدة الدنانير المخرجة من لا يصيب دينارا في آخر السلسلة الذي لا يلينا وهذا يستلزم التناهي وبالجملة الفضاء محدود والكرسي منتهى الفضاء ولا فرق فيما ذكرنا بين أن نقول بالهيئة القديمة أو الهيئة الجديدة فالعالم الجسماني كلما فرض عظمته لا بد أن يكون متناهيا إلى حد وظهر في زماننا رجل من مشاهير فلاسفة الإفرنج وبين تناهي أبعاد هذا العالم بأصول له لا فائدة في بيانها. (ش)
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست