شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٦٧
(قال أبو قرة: فإنه يقول: «ولقد رآه نزلة اخرى») قال القاضي مرة أخرى فعلة من النزول اقيمت مقام المرة ونصبت نصبها إشعارا بأن الرؤية في هذه المرة كانت أيضا بنزول ودنو، وقيل: التقدير ولقد رآه نازلا نزلة اخرى، ونصبها على المصدر والمراد نفي الريبة عن المرة الأخيرة.
(فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال) أولا قبل هذه الآية (1)، فهذا بيان للدلالة على ما رأى وتمهيد لها لا إشارة إلى البعد وبيان له.
(«ما كذب الفؤاد ما رأى» يقول ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه) وما شك فيه بل عرفه حق المعرفة وصدق به تصديقا جازما (ثم أخبر) بعد هذه الآية (بما رأى فقال: «لقد رأى من آيات ربه الكبرى» فآيات الله غير الله) استدل أبو قرة على أن النبي (عليه السلام) رآه سبحانه بالعين بقوله تعالى «ولقد رآه نزلة اخرى» بناء على أن ضمير المفعول راجع إلى الله تعالى، فأجاب (عليه السلام) بأن الضمير ليس براجع إليه سبحانه بل إلى آية من آياته الكبرى ومخلوق من مخلوقاته فهي مرئية كما دل عليه ما بعده هذه الآية وقد ذهب إلى هذا أيضا بعض العامة لما رواه مسلم في كتابه قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الشيباني، عن زر، عن عبد الله «ما كذب الفؤاد ما رأى» قال: رأى جبرئيل (عليه السلام) له ستمائة جناح (2)» وقال أيضا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثني علي ابن مسهر، عن عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرة «ولقد رآه نزلة اخرى» قال: «رأى جبرئيل (عليه السلام) (3)» بصورته التي له في الخلقة الأصلية على أن لقائل أن يقول على تقدير أن يكون الضمير راجعا إليه سبحانه يكون المراد بالرؤية الرؤية القلبية على الوجه الكمال إلا أن الحق الذي لا ريب فيه ما ذكره (عليه السلام).
(وقد قال الله «ولا يحيطون به علما» فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت (4) به العلم وقعت المعرفة) أي المعرفة الضرورية المستلزمة للإحاطة بالضرورة ولما قرر أولا دليل الخصم على وجه لا يدل على مطلوبه وبين غلطه أورد هذا دليلا على نقيض مطلوبه وهو عدم جواز رؤيته تعالى ووجه دلالته على ذلك ما ذكرنا آنفا.
(فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟) أي بالروايات الدالة على رؤيته (فقال أبو الحسن (عليه السلام): إذا

1 - لنا في هذا المقام كلام يأتي الإشارة إليه قريبا إن شاء الله. (ش) 2 - الصحيح ج 1 ص 109 والمراد بالزر زر بن حبيش - بكسر الزاي المعجمة وتشديد الراء المهملة - والمراد بعبد الله عبد الله بن مسعود.
3 - المصدر ج 1 ص 109.
4 - وفي نسخة أحاط بالتذكير وهو الأصح (ش)
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست