شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
(تريد أن تعرف بهما) أي بهذا القلب الصغير والبصر الحقير (ملكوت السماوات والأرض) أي مالك ملكوتهما على حذف المضاف بقرينة المقام.
(إن كنت صادقا) فيما تقول من إمكان رؤيتك له وجوار معرفتك إياه بكنه ذاته وحقايق صفاته على وجه الكمال (فهذه الشمس خلق من خلق الله (1) فإن قدرت أن تملأ عينك منها) حتى ترى جرمه كما هو (فهو كما تقول) يعني كما لا تقدر على رؤية جرم الشمس وإكمال تحديق النظر الظاهر إليه كذلك لا تقدر على رؤية الله ظاهرا وباطنا وإكمال تحديق البصر والبصيرة إليه لاحتراقهما بنوره الغالب على جميع الأنوار وإنما غاية كمالك في معرفته أن تعرف أنك لا تقدر على معرفته كما هو، وهذا الكلام بحسب المعنى في قوة شرطية يستثنى منها نقيض تاليها لينتج نقيض المقدم أي إن كنت صادقا في رؤيته فقد قدرت على رؤية جرم الشمس لأن رؤية آثاره أسهل من رؤيته والتالي باطل بشهادة الحس فالمقدم مثله.
* الأصل:
9 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي، عن بعض أصحابنا عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن يهوديا يقال له: سبحت جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله! جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عمأ أسألك عنه وإلا رجعت قال:
سل عما شئت، قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان وليس في شيء من المكان المحدود، قال:
وكيف هو؟
قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه، قال فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين يا سبحت إنه رسول

1 - قوله «فهذه الشمس خلق من خلق الله» حاصل الكلام أن الإنسان يزعم نفسه جامعا لجميع آلات الحس يدرك بها جميع ما يمكن وجوده في العالم فإذا ادعى وجود شيء لا يدركه أنكر إمكان وجوده والشمس أحسن مثال لتنبيه الإنسان وإذا قست نفسك مع الحيوانات التي ليس لها آلات تامة كالخراطين حيث لم يكن لها إلا اللامسة ولا يدرك الألوان والأنوار والريح والطعم وليس للفرس قوة عاقلة فلا يدرك ما يدركه الإنسان من العلوم كالحساب والهندسة الطبيعي وكل ما يحتاج إلى إدراك الكليات ولا يجوز لهؤلاء الحيوانات إنكار ما لا يدركونه لعدم وجود قوة حاسة لدركه كذلك حال الإنسان يجوز أن يكون في الواقع أمور حقيقية ليست له قوة أو حاسة لإدراكها كما تحقق في زماننا من أمواج النور الغير المرئي بالبصر ولا بسائر الحواس، وأما الشمس فلا شك في وجودها ولا يقدر القوة الباصرة على النظر إليها والإحاطة والدقة فثبت ضعف قوة الإنسان عن الإدراك واحتمل وجود أمور كثيرة نحن بالنسبة إليها كالخراطين بالنسبة إلى الألوان ولا يتعجب من الإيمان بوجود إله لا يحيط بذاته حواسنا بل عقولنا. (ش)
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست