(ويرغبكم في الآخرة عمله) الدال على إقباله إلى الامور الاخروية وإعراضه عن الشواغل الدنيوية، فإن رؤية الأعمال الصالحة والأفعال الفاضلة والعبادات الكاملة تؤثر في نفس الرائي تأثيرا عظيما حتى تنفض عنها غبار الشهوات وتنقض منها خمار الغفلات وتبعثها على الأعمال الموجبة للارتقاء إلى معارج القدس والارتواء بزلال الانس، فقد ذكر لمن ينبغي مجالسته ثلاثة أوصاف (1) هي امهات جميع الصفات المرضية; إذ هي مشتملة عليها كاشتمال المجمل على المفصل، وفيه إشعار بأن من لم يكن فيه هذه الصفات أو كان فيه أضدادها لا ينبغي المجالسة معه بل الفرار والاعتزال منه لازم، فإن مجالسته تميت القلب وتفسد الدين وتورث النفس ملكات مهلكة مؤدية إلى الخسران المبين، والضابط في الجليس أنه إما أن يكون لك أو يكون عليك، أو لا يكون لك ولا عليك، والأول ينبغي مجالسته عقلا ونقلا دون الأخيرين، وأما الثاني فلأن مجالسته تضييع للأوقات بلا منفعة، وهذا الحديث جامع بين الأحاديث المختلفة في الحث على الاعتزال والمخالطة.
* الأصل:
4 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة».
* الشرح:
محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم) ثقة عين صدوق من أجلة أصحابنا وفقهائهم.
(عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مجالسة أهل الدين) الدين في الشرع عبارة عن الشرائع الصادرة بواسطة الرسول وأهله هم العالمون بها، الحافظون لأركانها العالمون بأحكامها وشرائطها الواقفون على حدودها.
(شرف الدنيا والآخرة) الشرف العلو والرفعة (2) والسر في ذلك أن جليس أهل الدين إذا قابل