تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٩٩
يركبك عدوك. من غضب على من لا يقدر أن يضره طال حزنه وعذب نفسه. من خاف ربه كف ظلمه. ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة. إن من الفساد إضاعة الزاد. ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا. وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب (1). ما أقرب الراحة من التعب. والبؤس من التغيير (2).
ما شر بشر بعده الجنة. وما خير بخير بعده النار. وكل نعيم دون الجنة محقور.
وكل بلاء دون النار عافية. عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر (3). تصفية العمل أشد من العمل. تخليص النية عن الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد. هيهات لولا التقى كنت أدهى العرب (4). عليكم بتقوى الله في الغيب والشهادة (5)، وكلمة الحق في الرضى والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وبالعدل على العدو والصديق، وبالعمل في النشاط والكسل، والرضى عن الله في الشدة والرخاء. ومن كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار ومن تفكر اعتبر. ومن اعتبر اعتزل.
ومن اعتزل سلم. ومن ترك الشهوات كان حرا. ومن ترك الحسد كانت له المحبة عند

(١) في الروضة [هيهات هيهات وما تناكرتم الا لما فيكم من المعاصي والذنوب]. أي ليس تناكركم إلا لذنوبكم وعيوبكم.
(٢) وفى الروضة وبعض النسخ [من النعيم] والمراد بالتغيير سرعة تقلب أحوال الدنيا.
(٣) أي إذا أراد الانسان تصحيح ضميره عن النيات الفاسدة والأخلاق الذميمة تظهر له العيوب الكبيرة الكامنة في النفس والأخلاق الذميمة التي خفيت عليه تحت أستار الغفلات.
(٤) الدهاء: جودة الرأي، والحذق وبمعنى المكر والاحتيال وهو المراد ههنا وفى الروضة [لولا التقى لكنت أدهى العرب] ومن كلام له عليه السلام " والله ما معاوية بأدهى منى ولكنه يغدر ويفجر. ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة.
ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة ".
(٥) قد مضى هذا الكلام إلى آخر الخطبة في وصيته صلوات الله عليه لابنه الحسين عليه السلام ولذا لم يذكر في الروضة وفيها بعد هذا الكلام [أيها الناس ان الله عز وجل وعد نبيه محمدا صلى الله عليه وآله الوسيلة ووعده الحق] إلى أخر ما خطبه عليه السلام.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست