عينه (1) كان خارجا من سلطان الجهالة، فلا يمد يدا إلا على ثقة لمنفعة، كان لا يشتكي ولا يتسخط ولا يتبرم، كان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذ القائلين (2) كان ضعيفا مستضعفا، فإذا جاء الجد فهو الليث عاديا (3)، كان إذا جامع العلماء على أن يستمع أحرص منه على أن يقول، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، كان لا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول، كان إذا عرض له أمران لا يدري أيهما أقرب إلى ربه نظر أقربهما من هواه فخالفه، كان لا يلوم أحدا على ما قد يقع العذر في مثله.
وقال عليه السلام من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب إحدى ثمان: آية محكمة وأخا مستفادا وعلما مستطرفا ورحمة منتظرة وكلمة تدله على الهدى أو ترده عن ردى وترك الذنوب حياء أو خشية.
ورزق غلاما فأتته قريش تهنيه فقالوا: يهنيك الفارس، فقال عليه السلام أي شئ هذا القول؟ ولعله يكون راجلا، فقال له جابر: كيف نقول يا ابن رسول الله؟ فقال: عليه السلام:
إذا ولد لاحدكم غلام فأتيتموه فقولوا له: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب، بلغ الله به أشده (4) ورزقك بره.
وسئل عن المروة؟ فقال عليه السلام: شح الرجل عليه دينه. وإصلاحه ماله. وقيامه بالحقوق.
وقال عليه السلام: إن أبصر الابصار ما نفذ في الخير مذهبه، وأسمع الاسماع ما وعى التذكير وانتفع به. أسلم القلوب ما طهر من الشبهات.