تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ١٩٣
* (وصفه عليه السلام لنقلة الحديث) * قال له سليم بن قيس (1): إني سمعت سلمان وأبا ذر والمقداد يتحدثون بأشياء من تفسير القرآن والأحاديث والروايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سمعت منك تصديق ذلك ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن والأحاديث والروايات عن رسول الله صلى الله على وآله يخالفونها فيكذب الناس متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا وعاما وخاصا ومحكما ومتشابها وحفظا ووهما وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته كذبا كثيرا حتى قام خطيبا فقال: " أيها الناس قد كثر علي الكذابة (2)، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار " وكذلك كذب عليه بعده.
إنما أتاك بالحديث أربعة ليس لهم خامس:
رجل منافق يظهر الايمان متصنع بالاسلام لا يتأثم ولا يتحرج (3) أن يكذب

(١) رواه الكليني (ره) في الكافي باب اختلاف الحديث ج ١ ص ٦٢. والصدوق (ره) في الخصال. والرضى (ره) في النهج. وسليم بن قيس الهلالي - بضم السين وفتح اللام - نقل العلامة (ره) في الخلاصة عن العقيقي كان سليم من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام طلبه الحجاج ليقتله وآوى إلى أبان بن أبي عياش فلما حضرته الوفاة قال لابان: إن لك حقا وقد حضرني الموت يا ابن أخي انه كان من الامر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كيت وكيت وأعطاه كتابا فلم يرو عن سليم سوى أبان وذكر في حديثه ان سليم كان شيخا متعبدا له نور يعلوه.
(2) الكذابة بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب أي كثرت على كذبة الكذابين ويصح أيضا جعل الكذاب بمعنى المكذوب والتاء للتأنيث أي الأحاديث المفتراة أو بفتح الكاف وتشديد الذال بمعنى الواحد الكثير الكذب والتاء لزيادة المبالغة والمعنى كثرت على أكاذيب الكذابة أو التاء للتأنيث والمعنى كثرت الجماعة الكذابة ولعل الأخير أظهر وعلى تقديري صدقه وكذبه يدل على وقوع الكذب عليه. قاله المجلسي رحمه الله.
(3) " متصنع بالاسلام " أي متكلف له ومتدلس به وغير متصف به في نفس الامر. " لا يتأثم " أي لا يخاف الاثم ولا يخشى منه أو لا يعتقد الاثم. " لا يتحرج " أي لا يتجنب الحرج ولا يخشى الوقوع فيه.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست