فقد كبر هذا علي وحرج منه صدري حتى أزعم أن هذا العبد الذي يصلي ويواريني وأواريه (1) أخرجه من الايمان من أجل ذنب يسير أصابه، فقال عليه السلام: صدقك أخوك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: خلق الله الخلق على ثلاث طبقات فأنزلهم ثلاث منازل، فذلك قوله: " فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون " (2).
فإما ما ذكره الله عز وجل من السابقين السابقين، فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معائشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ المطعم والمشرب ونكحوا الحلال من النساء (3) وبروح البدن دبوا و درجوا، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنبهم (4). ثم قال: " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس (5) ". ثم قال في جماعتهم: " وأيدهم بروح منه (6) " يقول: أكرمهم بها وفضلهم على سواهم (7) فهؤلاء مغفور لهم.