قاضي القضاة فجعلوا حاجتهم إليه وأطمعوه في هدايا على أن يحتال على أبي جعفر عليه السلام بمسألة في الفقه لا يدري ما الجواب فيها.
فلما حضروا وحضر أبو جعفر عليه السلام قالوا يا أمير المؤمنين هذا القاضي إن أذنت له أن يسأل؟ فقال المأمون: يا يحيى سل أبا جعفر عن مسألة في الفقه لتنظر كيف فقهه؟ فقال يحيى: يا أبا جعفر أصلحك الله ما تقول في محرم قتل صيدا؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: قتله في حل أم حرم، عالما أو جاهلا، عمد أو خطأ، عبدا أو حرا، صغيرا أو كبيرا، مبدءا أو معيدا، من ذوات الطير أو غيره من صغار الطير أو كباره. مصرا أو نادما، بالليل في أوكارها أو بالنهار وعيانا، محرما للحج أو للعمرة؟ قال: فانقطع يحيى انقطاعا لم يخف على أحد من أهل المجلس انقطاعه وتحير الناس عجبا من جواب أبي جعفر عليه السلام:
فقال المأمون: أخطب أبا جعفر؟ فقال عليه السلام: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: الحمد لله إقرارا بنعمته ولا إله إلا الله إجلالا لعظمته، وصلى الله على محمد وآله عند ذكره. أما بعد فقد كان من قضاء الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال جل وعز: " فأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم (1) ". ثم إن محمد بن علي خطب أم الفضل ابنة عبد الله، وقد بذل لها من الصداق خمس مائة درهم، فقد زوجته، فهل قبلت يا أبا جعفر؟ فقال عليه السلام: قد قبلت هذا التزويج بهذا الصداق فأولم المأمون (2) وأجاز الناس على مراتبهم أهل الخاصة وأهل العامة والاشراف والعمال. وأوصل إلى كل طبقة برا على ما يستحقه.
فلما تفرق أكثر الناس قال المأمون: يا أبا جعفر إن رأيت أن تعرفنا ما يجب على كل صنف من هذه الأصناف في قتل الصيد؟ فقال عليه السلام: إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا. وإن قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم فليست عليه القيمة لأنه ليس في الحرم. وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ (3) وإن كان من الوحش