تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٢٢٩
كم بين الحق والباطل؟ وكم بين السماء والأرض؟ وكم بين المشرق والمغرب؟ و عن هذا المحو الذي في القمر. وعن قوس قزح. وعن هذه المجرة. وعن أول شئ انتضح على وجه الأرض. وعن أول شئ اهتز عليها وعن العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين والمشركين (1). وعن المؤنث. وعن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض؟.
فقال الحسن عليه السلام: يا أخا أهل الشام بين الحق والباطل أربع أصابع، ما رأيت بعينيك فهو الحق وقد تسمع بأذنيك باطلا كثيرا. وبين السماء والأرض دعوة المظلوم ومد البصر (2) فمن قال غير هذا فكذبه. وبين المشرق والمغرب يوم مطرد للشمس تنظر إلى الشمس حين تطلع وتنظر إليها حين تغرب من قال غير هذا فكذبه. وأما هذه المجرة فهي أشراج السماء، مهبط الماء المنهمر على نوح عليه السلام (3). وأما قوس قزح: فلا تقل: قزح فإن قزح شيطان ولكنها قوس الله وأمان من الغرق (4). وأما المحو الذي في القمر فإن ضوء القمر كان مثل ضوء الشمس فمحاه الله. وقال في كتابه: " فمحونا آية الليل و جعلنا آية النهار مبصرة (5) ".
وأما أول شئ انتضح على وجه الأرض فهو وادي دلس (6). وأما أول شئ اهتز على وجه الأرض فهي النخلة. وأما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين فهي عين يقال:

(1) أي وعن العين التي تأوى إليه أرواح المشركين.
(2) فلا يمكن تحديدها.
(3) المجرة: هي البياض المعترض في السماء والسواد من جانبيها، قوامها نجوم كثيرة لا تدرك بمجرد البصر وإنما ينتشر ضوؤها فيرى كأنه بقعة بيضاء والعامة يسميها درب التبانة ويقال لها بالفارسية: (كهكشان). والأشراج جمع الشرج - بالتحريك -: عرى العيبة والانشقاق في القوس. والهمر:
صب الماء بشدة. والانهمار: الانصباب. ومهبط الماء المنهمر إشارة إلى قول الله عز وجل: " فكذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا - إلى قوله -: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر " سورة القمر آية 12.
(4) قوس قزح: طرائق منقوشة بألوان من صفرة وخضرة وحمرة تبدوا في السماء. ولا يفصل قزح من قوس ولا تنصرف لأنه اسم شيطان قاله ابن عباس رضي الله عنه. وهو يتكون من تكسر أشعة النور على قطرات الماء أو البخار ويظهر من الجهة المقابلة للشمس من الفلك.
(5) سورة الإسراء آية 12.
(6) انتضح أي ظهر وارتفع. والدلس - محركة -: الظلمة واختلاط الظلام.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست