نظرنا من أي وجه تلزم الحجة من نأى عن الرسل والأئمة عليهم السلام فإذا ذلك بالاخبار التي توجب الحجة وتزول عن ناقليها تهمة التواطؤ عليها والاجماع على تخرصها ووضعها ثم فحصنا عن الحال فوجدنا فريقين ناقلين يزعم أحدهما أن الماضي نص على الحسن عليه السلام وأشار إليه ويروون مع الوصية وما له من خاصة الكبر أدلة يذكرونها وعلما يثبتونه، ووجدنا الفريق الاخر يروون مثل ذلك لجعفر لا يقول غير هذا فإنه أولى بنا نظرنا فإذا الناقل لاخبار جعفر جماعة يسيرة والجماعة اليسيرة يجوز عليها التواطؤ والتلاقي والتراسل فوقع نقلهم موقع شبهة لا موقع حجة وحجج الله لا تثبت بالشبهات ونظرنا في نقل الفريق الاخر فوجدناهم جماعات متباعدي الديار والأقطار، مختلفي الهمم والآراء متغايرين، فالكذب لا يجوز عليهم لنأي بعضهم عن بعض ولا التواطؤ ولا التراسل والاجتماع على تخرص خبر ووضعه، فعلمنا أن النقل الصحيح هو نقلهم وأن المحق هؤلاء، ولأنه إن بطل ما قد نقله هؤلاء على ما وصفنا من شأنهم لم يصح خبر في الأرض وبطلت الاخبار كلها فتأمل - وفقك الله - في الفريقين فإنك تجدهم كما وصفت، وفي بطلان الاخبار هدم الاسلام وفي تصحيحها تصحيح خبرنا، وفي ذلك دليل على صحة أمرنا، والحمد لله رب العالمين.
ثم رأيت الجعفرية (1) تختلف في إمامة جعفر من أي وجه تجب؟ فقال قوم: بعد أخيه محمد، وقال قوم: بعد أخيه الحسن، وقال قوم: بعد أبيه. ورأيناهم لا يتجاوزون ذلك ورأينا أسلافهم وأسلافنا قد رووا قبل الحادث ما يدل على إمامة الحسن وهو ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا توالت ثلاثة أسماء: محمد وعلي والحسن فالرابع القائم " وغير ذلك من الروايات وهذه وحدها توجب الإمامة للحسن، وليس إلا الحسن وجعفر. فإذا لم تثبت لجعفر حجة على من شاهده في أيام الحسن والامام ثابت الحجة على من رآه ومن لم يره فهو الحسن اضطرارا، وإذا ثبت الحسن عليه السلام وجعفر عندكم مبرء تبرأ منه والامام لا يتبرأ من الامام والحسن قد مضى ولا بد عندنا وعندكم من