جميع الخلق فلا، لان الناس جميعا لو سألوا عن إمام الامامية من هو؟ لقالوا:
فلان بن فلان مشهور عند جميع الأمة، وإنما تكلمنا في أنه هل يقر عند أعدائه أم لا يقر، وعارضناكم باستتار النبي صلى الله عليه وآله في الغار وهو مبعوث معه المعجزات وقد أتى بشرع مبتدع ونسخ كل شرع قبله وأريناكم أنه إذا خاف كان له أن يجحد عند أعدائه أنه إمام ولا يجيبهم إذا سألوه، ولا يخرجه ذلك من أن يكون إماما، ولا فرق في ذلك، فان قالوا: فإذا جوزتم للامام أن يجحد إمامته أعداءه عند الخوف فهل يجوز للنبي صلى الله عليه وآله أن يجحد نبوته عند الخوف من أعدائه؟ قيل لهم: قد فرق قوم من أهل الحق بين النبي صلى الله عليه وآله وبين الامام بأن قالوا: إن النبي صلى الله عليه وآله هو الداعي إلى رسالته والمبين للناس ذلك بنفسه فإذا جحد ذلك وأنكره للتقية بطلت الحجة، ولم يكن أحد يبين عنه، والامام قد قام له النبي صلى الله عليه وآله بحجته وأبان أمره فإذا سكت أو جحد كان النبي صلى الله عليه وآله قد كفاه ذلك. وليس هذا جوابنا، ولكنا نقول: إن حكم النبي صلى الله عليه وآله وحكم الامام سيان في التقية إذا كان قد صدع بأمر الله عز وجل وبلغ رسالته وأقام المعجزات، فأما قبل ذلك فلا وقد محى النبي صلى الله عليه وآله اسمه من الصحيفة في صلح الحديبية حين أنكر سهيل بن عمرو، وحفص بن الأحنف نبوته فقال لعلي عليه السلام:
امحه واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله. فلم يضر ذلك نبوته إذا كانت الاعلام في البراهين قد قامت له بذلك من قبل، وقد قبل الله عز وجل عذر عمار حين حمله المشركون على سب رسول الله صلى الله عليه وآله وأرادوا قتله فسبه، فلما رجع إلى النبي صلى عليه وآله قال: قد أفلح الوجه يا عمار، قال: ما أفلح وقد سببتك يا رسول الله، فقال عليه السلام: أليس قلبك مطمئن بالايمان؟ قال: بلى يا رسول الله، فأنزل الله تبارك وتعالى " إلا من أكره و قلبه مطمئن بالايمان " (1) والقول في ذلك ينافي الشريعة من إجازة ذلك في وقت و حظره في وقت آخر، وإذا جاز للامام أن يجحد إمامته ويستر أمره جاز أن يستر شخصه متى أوجبت الحكمة غيبته وإذا جاز أن يغيب يوما لعله موجبة جاز سنة، وإذا جاز