وفي الأثر " أنه يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من الاسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه " وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء " فكان الله عز وجل يبعث في كل وقت رسولا يجدد لتلك الأمم ما انمحى من رسوم الدين واجتمعت الأمة إلا من لا يلتفت إلى اختلافه، ودلت الدلائل العقلية أن الله عز وجل قد ختم الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وآله فلا نبي بعده، ووجدنا أمر هذه الأمة في استعلاء الباطل على الحق والضلال على الهدى بحال زعم كثير منهم أن الدار اليوم دار كفر وليست بدار الاسلام، ثم لم يجر على شئ من أصول شرايع الاسلام ما جرى في باب الإمامة، لأن هذه الأمة يقولون: لم يقم (لهم) بالإمامة منذ قتل الحسين عليه السلام إمام عادل لا من نبي أمية ولا من ولد عباس الذين جارت أحكامهم على أكثر الخلق، ونحن والزيدية وعامة المعتزلة وكثير من المسلمين يقولون:
إن الامام لا يكون إلا من ظاهره ظاهر العدالة، فالأمة في يد الجائرين يلعبون بهم و يحكمون في أموالهم وأبدانهم بغير حكم الله، وظهر أهل الفساد على أهل الحق و عدم اجتماع الكلمة، ثم وجدنا طبقات الأمة كلهم يكفر بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض.
ثم تأملنا أخبار الرسول صلى الله عليه وآله فوجدناها قد وردت بأن الأرض تملأ قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما برجل من عترته، فدلنا هذا الحديث على أن القيامة لا تقوم على هذه الأمة إلا بعد ما ملئت الأرض عدلا، فان هذا الدين الذي لا يجوز عليه النسخ ولا التبديل سيكون له ناصر يؤيده الله عز وجل كما أيد الأنبياء و الرسل لما بعثهم لتجديد الشرايع وإزالة ما فعله الظالمون فوجب لذلك أن تكون الدلائل على من يقوم بما وصفناه موجودة غير معدومة، وقد علمنا عامة اختلاف الأمة وسبرنا أحوال الفرق، فدلنا أن الحق مع القائلين بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام دون من سواهم من فرق الأمة، ودلنا ذلك على أن الامام اليوم هو الثاني عشر منهم وأنه الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله به ونص عليه. وسنورد في هذا الكتاب ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله في عدد الأئمة عليهم السلام وأنهم اثنا عشر والنص على القائم الثاني عشر،