الأمور، وشرعت في المقصود، ولم آل جهدا فيه ولا المجهود، فلم أزل مترقبا لاقتناء نسخ الأصول، متفحصا عنها من العلماء والفحول، تاركا نومي في تصحيحها، باذلا جهدي في تحقيقها، عاكفا ليلي ونهاري على ترصيفها وتنسيقها ومقابلتها، وكم بت عليها ليلا إلى السحر، وصافحت بالجبين صفحات الكتاب من السهر. وأنا ببذل عمري في سبيلها مشعوف مسرور، إذ حقق المولى سبحانه الأمنية والمأمول، فخرج بتحقيقي إلى اليوم من تآليف العلماء والمحدثين ما جاوز عدد أجزائها التسعين.
إذا كان هذا الدمع يجري صبابة * على غير سلمى فهو دمع مضيع وقد أرى كثيرا من أمثالي مع استظهارهم على العلوم قائمين في ظلهم لا يبرحون وراتبين على كعبهم لا يتزحزحون، فهم يرفلون في مطارف اللهو، ويرقلون في ميدان الزهو، يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه. والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون. فلم يغرني حالهم، ولا تغيرني فعالهم، فما أبالي بعد أن كان الله عز وجل يقول: " فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون ".
على أكبر الغفاري 1390 ه.