سره - مجلسه، فرحب به وأدناه من نفسه وبالغ في تعظيمه وتكريمه وتبجيله، و ألقى إليه مسائل غامضة في المذهب، فأجاب عنها بأجوبة شافية، وأثبت حقية المذهب ببراهين واضحة بحيث استحسنه الملك والحاضرون، ولم يجد بدا من الاعتراف بصحتها المخالفون.
وذكر النجاشي في جملة كتبه: " ذكر مجلس الذي جرى له بين يدي ركن الدولة "، " ذكر مجلس آخر "، " ذكر مجلس ثالث "، " ذكر مجلس رابع "، " ذكر مجلس خامس " (1).
وعمدة الكلام في تلك المجالس إثبات مذهب الإمامية ولا سيما مسألة الغيبة.
وذلك لان الشيعة - الفرقة الاثني عشرية - بعد ما فقدت راعيها تفرقت وارتابت ووقعت في الحيرة لخفاء الامر عليها. وكان أمر الصاحب عليه السلام منذ أيام السفراء المحمودين إلى أواسط القرن الرابع في ضمير الغيب، لا يكاد يسمع إلا همسا أو من وراء حجاب، لا يعلمه إلا الأوحديون، ولا يعرفه إلا خواص من الشيعة وهم لا يستطيعون الإصحار باسمه ولا وصفه، يعبرون عنه عليه السلام في نواديهم تارة بالصاحب، وأخرى بالغريم، وثالثة بالرجل أو القائم، ويرمزون إليه فيما بين أنفسهم ب " م ح م د) وأمر الامام في تلك الأيام في غاية الاستتار. ومن جانب آخر كثرة الشبهات والتشكيكات التي ظهرت من المخالفين كالزيدية وهم العمدة والكيسانية والإسماعيلية والواقفة في موسى بن جعفر عليهما السلام.
فتشابكت هذه العوامل وتتابعت وتضافرت حتى آل الامر إلى تزلزل العقائد وتحير الناس في أمر الامام الغائب عليه السلام وأفضى إلى ارتداد الفئة الناشئة وصرفهم عما كانوا عليه هم وآباؤهم.
وأحس المؤلف - رحمه الله - هذا الخطر الداهم فنهض جاهدا لحفظ الشيعة عن هذا الشر المستطير والانهيار المحقق والانهدام المتحتم، ولولا مجاهداته ومباحثاته في الري في مجالس عدة عند ركن الدولة البويهي مع المخالفين وفي نيشابور مع أكثر المختلفين