كلمة المصحح اعلم أني من أول عهدي بالكتاب كنت مولعا بمطالعة كتب الحديث والتفسير محبا لها، حريصا على التنقيب عنها، لما أيقنت في نفسي عن مراس وتجربة أنها خير دليل يدل على مهيع الحق، ويدعو إلى جدد الصدق والعدل، ويحدو إلى المنهج القويم، ويقود إلى الصراط المستقيم.
وفيها الحق والحقيقة، والشريعة والطريقة، والعلم والحكمة، والأدب و الفضيلة، وبها ينال الانسان سعادته طيلة حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته.
وفي خلال مطالعتي ومراجعتي هذه الكتب رأيت أن أكثرها طبعت ونشرت على وجه لا تطمئن إليها النفس لما نالها من عبث الكتاب والوراق والمطابع فأحببت تخريجها وترصيفها وتصحيحها ونشرها على صورة مرضية بهية، وكان بي في ذلك ظمأ شديد وشغف زائد، وشوق لا يوصف.
ولا شك أنه منزع بعيد الشقة متشعب الأطراف، ولا يوفي بهذا الغرض إلا الماهر بطرق المعارف السديدة، وليس في وسعي أن أقوم بهذا المهم، لان بضاعتي مزجاة، ومنتي قليلة، والعمل خطير، والامر فادح جليل. فقلت في نفسي: لا بأس، لان ما لا يدرك كله فلا يترك كله، وليس بجدير أن يرفض العاقل ما قوي عليه احتقارا له إذا لم يقدر على ما هو أكثر منه.
فعزمت على ذلك، واستخرت الله تعالى شأنه، واستعنت به عز سلطانه، وأقبلت نحو المأمول، راجيا من المولى تحقيقه فهو خير مسؤول، فيسر سبحانه لي أهبته، وأتاح لي فرصته، فاعتزلت عن مجالس الأحباب والصدور، وآثرت هذا المشروع على جميع