حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا.
ثم قال: يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما إلا عن أهل التصديق والاخوة الصادقة في الدين، إذا بدت لك أمارات الظهور والتمكن فلا تبطئ بإخوانك عنا وباهر المسارعة (1) إلى منار اليقين وضياء مصابيح الدين تلق رشدا إن شاء الله قال إبراهيم بن مهزيار: فمكثت عنده حينا أقتبس ما أؤدي إليهم (2) من موضحات الاعلام ونيرات الاحكام، وأروي نبات الصدور من نضارة ما ادخره الله في طبائعه من لطائف الحكم وطرائف فواضل القسم حتى خفت إضاعة مخلفي بالأهواز لتراخي اللقاء عنهم فاستأذنته بالقفول، وأعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحش لفرقته والتجرع للظعن عن محاله (3)، فأذن وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله ولعقبي وقرابتي إن شاء الله.
فلما أزف ارتحالي (4) وتهيأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودعا ومجددا للعهد وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم وسألته أن يتفضل بالامر بقبوله مني، فابتسم وقال: يا أبا إسحاق استعن به على منصرفك فإن الشقة قذفة وفلوات الأرض أمامك جمة (5) ولا تحزن لاعراضنا عنه، فإنا قد أحدثنا لك شكره