وكان عليه السلام أنبط لي (1) من خزائن الحكم، وكوامن العلوم ما أن أشعت إليك (2) منه جزء أغناك عن الجملة.
[واعلم] يا أبا إسحاق إنه قال عليه السلام: يا بني إن الله جل ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه وأهل الجد في طاعته وعبادته بلا حجة يستعلى بها، وإمام يؤتم به، و يقتدى بسبيل سنته ومنهاج قصده، وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعد الله لنشر الحق ووطئ الباطل (3) وإعلاء الدين، وإطفاء الضلال، فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض، وتتبع أقاصيها، فإن لكل ولي لأولياء الله عز وجل عدوا مقارعا وضدا منازعا افتراضا لمجاهدة أهل النفاق وخلاعة أولي الإلحاد والعناد فلا يوحشنك ذلك.
واعلم إن قلوب أهل الطاعة والاخلاص نزع إليك (4) مثل الطير إلى أو كارها وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة (5)، وهم عند الله بررة أعزاء، يبرزون بأنفس مختلة محتاجة (6)، وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداد، خصهم الله باحتمال الضيم في الدنيا (7) ليشملهم باتساع العز