الكيس و (كان قد) ملك مائتين وستا وستين سنة، ففي سنة إحدى وخمسين من ملكه بعث الله عز وجل عيسى بن مريم عليه السلام واستودعه النور والعلم والحكمة وجميع علوم الأنبياء قبله وزاده الإنجيل وبعثه إلى بيت المقدس إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى كتابه وحكمته وإلى الايمان بالله ورسوله فأبي أكثرهم إلا طغيانا وكفرا، فلما لم يؤمنوا به دعا ربه وعزم عليه فمسخ منهم شياطين ليريهم آية فيعتبروا، لم يزدهم ذلك إلا طغيانا وكفرا، فأتى بيت المقدس فمكث يدعوهم ويرغبهم فيما عند الله ثلاثا وثلاثين سنة حتى طلبته اليهود وادعت أنها عذبته ودفنته في الأرض حيا وادعى بعضهم أنهم قتلوه وصلبوه، وما كان الله ليجعل لهم سلطانا عليه وإنما شبه لهم وما قدروا على عذابه ودفنه ولا على قتله وصلبه لقوله عز وجل: " إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا " (1) فلم يقدروا على قتله وصلبه لأنهم لو قدروا على ذلك كان تكذيبا لقوله تعالى: " ولكن رفعه الله إليه " (2) بعد أن توفاه عليه السلام فلما أراد أن يرفعه أوحى إليه أن يستودع نور الله وحكمته وعلم كتابه شمعون بن حمون الصفا خليفته على المؤمنين ففعل ذلك فلم يزل شمعون يقوم بأمر الله عز وجل ويحتذي بجميع مقال عيسى عليه السلام في قومه من بني إسرائيل ويجاهد الكفار، فمن أطاعه وآمن به وبما جاء به كان مؤمنا ومن جحده وعصاه كان كافرا حتى استخلص ربنا تبارك وتعالى وبعث في عباده نبيا من الصالحين وهو يحيى بن زكريا (3) ثم قبض شمعون وملك عند ذلك أردشير بن بابكان أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وفي ثماني سنين من ملكه قتلت اليهود يحيى بن زكريا عليهما السلام فلما أراد الله عز وجل أن يقبضه أوحى إليه أن يجعل الوصية في ولد شمعون ويأمر الحواريين وأصحاب عيسى بالقيام معه، ففعل ذلك وعندها ملك سابور بن أردشير ثلاثين سنة حتى قتله الله، وعلم الله ونوره وتفصيل حكمته في ذرية يعقوب بن شمعون ومعه الحواريون من أصحاب عيسى عليه السلام وعند ذلك ملك بختنصر مائة سنة وسبعا و
(٢٥٣)