مدرك وفاصلا لكل مشكل، وتلك الحروف تفريق كل شئ (1) من اسم حق وباطل أو فعل أو مفعول أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت الأمور كلها، ولم يجعل للحروف في إبداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا جود (2) لأنها مبدعة بالإبداع، و النور في هذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول بذلك الفعل، وهي الحروف التي عليها الكلام والعبارات كلها من الله عز وجل، علمها خلقه، وهي ثلاثة وثلاثون حرفا، فمنها ثمانية وعشرون حرفا تدل على اللغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا (3) تدل على اللغات السريانية والعبرانية. ومنها خمسة أحرف متحرفة في سائر اللغات من العجم لأقاليم اللغات كلها، وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين الحرف من اللغات (4) فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا، فأما الخمسة المختلفة فبحجج (5) لا يجوز ذكرها أكثر مما ذكرناه، ثم جعل الحروف بعد إحصائها (6) وإحكام عدتها فعلا منه كقوله عز وجل: (كن فيكون) وكن منه صنع، وما يكون به المصنوع، فالخلق الأول من الله عز وجل الابداع لا وزن له ولا حركة ولا سمع ولا لون ولا حس، والخلق الثاني الحروف لا وزن لها ولا لون، وهي مسموعة
(٤٣٦)