أن ذلك كذلك لكان المعبود الموحد غير الله تعالى لأن صفاته وأسماءه غيره، أفهمت؟
قال: نعم يا سيدي زدني.
قال الرضا عليه السلام: إياك وقول الجهال أهل العمى والضلال الذين يزعمون أن الله عز وجل وتقدس موجود في الآخرة للحساب والثواب والعقاب، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء، ولو كان في الوجود لله عز وجل نقص و اهتضام لم يوجد في الآخرة أبدا، ولكن القوم تاهوا وعموا وصموا عن الحق من حيث لا يعلمون، وذلك قوله عز وجل: ﴿ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا﴾ (1) يعني أعمى عن الحقائق الموجودة، وقد علم ذووا الألباب أن الاستدلال على ما هناك لا يكون إلا بما ههنا، ومن أخذ علم ذلك برأيه وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها لم يزدد من علم ذلك إلا بعدا لأن الله عز وجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون.
قال عمران: يا سيدي ألا تخبرني عن الابداع خلق هو أم غير خلق؟ قال الرضا عليه السلام: بل خلق ساكن لا يدرك بالسكون وإنما صار خلقا لأنه شئ محدث، والله الذي أحدثه فصار خلقا له، وإنما هو الله عز وجل وخلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما، فما خلق الله عز وجل لم يعد أن يكون خلقه، وقد يكون الخلق ساكنا ومتحركا ومختلفا ومؤتلفا ومعلوما ومتشابها، وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عز وجل.
واعلم أن كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس (2) وكل حاسة تدل على ما جعل الله عز وجل لها في إدراكها، والفهم من القلب بجميع ذلك كله (3).
واعلم أن الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقا مقدرا بتحديد وتقدير، وكان الذي خلق خلقين اثنين التقدير والمقدر، فليس في كل