في صدرك مما وصف الله عز وجل في كتابه، ولا تجعل كلامه ككلام البشر، هو أعظم وأجل وأكرم وأعز تبارك وتعالى من أن يصفه الواصفون إلا بما وصف به نفسه في قوله عز وجل: ﴿ليس كمثله شئ وهو السميع البصير﴾ (١) قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك، وحللت عني عقدة.
فقال عليه السلام: وأما قوله: (بل هم بلقاء ربهم كافرون) وذكر الله المؤمنين (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم)) وقوله لغيرهم: ﴿إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه﴾ (2) وقوله: (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا) فأما قوله: (بل هم بلقاء ربهم كافرون) يعني البعث فسماه الله عز وجل لقاءه، وكذلك ذكر المؤمنين (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم) يعني يوقنون أنهم يبعثون و يحشرون ويحاسبون ويجزون بالثواب والعقاب، فالظن ههنا اليقين خاصة، و كذلك قوله: (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا) وقوله: (من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت) يعني: من كان يؤمن بأنه مبعوث فإن وعد الله لآت من الثواب والعقاب، فاللقاء ههنا ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث، فافهم جميع ما في الكتاب من لقائه فإنه يعني بذلك البعث، وكذلك قوله: (تحيتهم يوم يلقونه سلام) يعني أنه لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون، قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك، فقد حللت عني عقدة.
فقال عليه السلام: وأما قوله: (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها) يعني أيقنوا أنهم داخلوها، وكذلك قوله: (إني ظننت أني ملاق حسابيه) يقول إني أيقنت أني أبعث فأحاسب، وكذلك قوله: (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) وأما قوله للمنافقين: (وتظنون بالله الظنونا) فهذا الظن ظن شك وليس ظن يقين، والظن ظنان: ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك فافهم ما فسرت لك، قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك.