بما كانوا يكسبون) (١) فمرة يخبر أنهم يتكلمون ومرة يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، ومرة يخبر أن الخلق لا ينطقون ويقول عن مقالتهم (والله ربنا ما كنا مشركين) ومرة يخبر أنهم يختصمون، فأني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع.
قال: هات ويحك ما شككت فيه، قال: وأجد الله عز وجل يقول: ﴿وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة﴾ ﴿٢) ويقول: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾ (٣) ويقول: ﴿ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى﴾ (٤) ويقول: ﴿يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما﴾ (٥) ومن أدركه الأبصار فقد أحاط به العلم، فأني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع.
قال: هات أيضا ويحك ما شككت فيه، قال: وأجد الله تبارك وتعالى يقول:
﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء﴾ (٦) وقال: ﴿وكلم الله موسى تكليما﴾ (٧) وقال: ﴿وناداهما ربهما﴾ (٨) وقال:
﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك﴾ (٩) وقال: (﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك﴾ (١٠) فأني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع.
قال: هات ويحك ما شككت فيه، قال: وأجد الله جل ثناؤه يقول: ﴿هل تعلم له سميا﴾ (11) وقد يسمي الإنسان سميعا بصيرا وملكا وربا، فمرة يخبر بأن له أسامي كثيرة مشتركة، ومرة يقول: (هل تعلم له سميا) فأني ذلك يا أمير المؤمنين