الله في ظلل من الغمام والملائكة) وقوله: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) فإن ذلك حق كما قال الله عز وجل، و ليس له جيئة كجيئة الخلق، وقد أعلمتك أن رب شئ من كتاب الله تأويله على غير تنزيله ولا يشبه كلام البشر، وسأنبئك بطرف منه فتكتفي إن شاء الله، من ذلك قول
إبراهيم عليه السلام:
﴿إني ذاهب إلى ربي سيهدين﴾ (١) فذهابه إلى ربه توجهه إليه عبادة واجتهادا وقربة إلى الله عز وجل، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله، وقال
﴿وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد﴾ (٢) يعني السلاح وغير ذلك، وقوله: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة) يخبر محمدا (٣) صلى الله عليه وآله وسلم عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله وللرسول، فقال: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة) حيث لم يستجيبوا لله ولرسوله (أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) يعني بذلك العذاب يأتيهم في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى، فهذا خبر يخبر به
النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنهم، ثم قال: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) يعني من قبل أن يجيئ هذه الآية، وهذه الآية طلوع الشمس من مغربها، وإنما يكتفي أولوا الألباب والحجى وأولوا النهى أن يعلموا أنه إذا انكشف الغطاء رأوا ما يوعدون، وقال: في آية أخرى:
﴿فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا﴾ (٤) يعني أرسل عليهم عذابا، وكذلك إتيانه بنيانهم قال الله عز وجل:
﴿فأتى الله بنيانهم من القواعد﴾ (5) فإتيانه بنيانهم من القواعد إرسال العذاب عليهم، وكذلك ما وصف من أمر الآخرة تبارك اسمه وتعالى علوا كبيرا أنه يجري أموره في ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة كما يجري أموره في الدنيا لا يغيب (6) ولا يأفل مع الآفلين، فاكتف بما وصفت لك من ذلك مما جال