فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) (١) فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع.
قال: هات ويحك ما شككت فيه، قال: وأجد الله تعالى يقول: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾ (٢) وقال: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾ (٣) وقال: ﴿توفته رسلنا وهم لا يفرطون﴾ (٤) وقال: ﴿الذين تتوفاهم الملائكة طيبين﴾ (٥) وقال: ﴿الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ (6) فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع، وقد هلكت إن لم ترحمني وتشرح لي صدري فيما عسى أن يجري ذلك على يديك، فإن كان الرب تبارك وتعالى حقا والكتاب حقا والرسل حقا فقد هلكت وخسرت، وإن تكن الرسل باطلا فما علي بأس وقد نجوت.
فقال علي عليه السلام: قدوس ربنا قدوس تبارك وتعالى علوا كبيرا، نشهد أنه هو الدائم الذي لا يزول، ولا نشك فيه، وليس كمثله شئ وهو السميع البصير، وأن الكتاب حق والرسل حق، وأن الثواب والعقاب حق، فإن رزقت زيادة إيمان أو حرمته فإن ذلك بيد الله، إن شاء رزقك وإن شاء حرمك ذلك، ولكن سأعلمك ما شككت فيه، ولا قوة إلا بالله، فإن أراد الله بك خيرا أعلمك بعلمه و ثبتك، وإن يكن شرا ضللت وهلكت.
أما قوله: (نسوا الله فنسيهم) إنما يعني نسوا الله في دار الدنيا، لم يعلموا بطاعته فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا فصاروا منسسيين من الخير وكذلك تفسير قوله عز وجل: (فاليوم ننسيهم كما نسوا لقاء يومهم هذا) يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين