التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ١٨٦
فقولك: (اللطيف الخبير) فسره لي كما فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل، غير أني أحب أن تشرح ذلك لي، فقال: يا فتح إنما قلنا: اللطيف، للخلق اللطيف، ولعلمه بالشئ اللطيف، أولا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف وفي الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض والجرجس وما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه، واهتدائه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه مما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار، وفهم بعضها عن بعض منطقها، وما يفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرة، وما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها ولا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا. علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، لطف في خلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آله، وإن صانع كل شئ فمن شئ صنع (1) والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شئ (2).
2 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: إعلم - علمك الله الخير - أن الله تبارك وتعالى قديم، والقدم صفة دلت العاقل على أنه لا شئ قبله ولا شئ معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة مع معجزة الصفة لا شئ قبل الله ولا شئ مع الله في بقائه (3) وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شئ وذلك أنه لو كان معه

(1) قوله: (وأن صانع - الخ) يقرء بكسر الهمزة على الاستيناف، أو بفتحها عطفا على أن خالق - الخ.
(2) هذا بعض الحديث المذكور في الباب الثاني بسند آخر عن الفتح وهناك تعليقات.
(3) أي فقد بان لنا بإقرار عامة العقلاء أنه لا شئ قبل الله ولا شئ مع الله في بقائه لأنه قديم والقدم يستلزم ذلك، أما أنه لا شئ قبله فظاهر، وأما أنه لا شئ معه في بقائه فلان غيره حادث لأدلة التوحيد كما يأتي الإشارة إليه في كلامه عليه السلام عن قريب، والحادث متأخر عن القديم لا معه، وقوله: (مع معجزة الصفة) أي مع أن صفة القدم أعجزت العقلاء عن درك حقيقتها وحقيقة موصوفها، بل هم إنما يحكمون بعقولهم على ما ذكر، وقوله: (أنه لا شئ الخ) ينازع فيه (بان) بالفاعلية، والإقرار بالمفعولية، وفي نسخة (و) و (ب) و (د) ليس لفظة (مع) وعلى هذا فمعجزة الصفة مفعول للاقرار وأنه لا شئ فاعل لبان بلا تنازع، والباء في (بإقرار العامة) على كلا الحالين للالصاق.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بيانه في سبب تأليف الكتاب. 17
2 بيانه في شروط لا إله إلا الله. 25
3 بيانه في شرط دخول العاصي الجنة. 26
4 بيانه في أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض - الخ ". 27
5 بيانه في معنى الإرادتين. 65
6 بيانه في نفي التشبيه عنه تعالى من جميع الجهات. 80
7 بيانه في معنى الواحد والتوحيد والموحد. 84
8 بيانه في قوله تعالى: " قال رب أرني أنظر إليك - الخ ". 119
9 بيانه في معنى الرؤية الواردة في الأخبار. 120
10 بيانه في معنى قوله تعالى: " فلما تجلى ربه للجبل - الخ ". 120
11 بيانه في إن أخبار الرؤية صحيحة. 122
12 بيانه في قدرته تعالى. 125
13 بيانه في معنى هو تعالى نور و تفسير ظلين 129
14 بيانه في معنى قدرته تعالى. 131
15 بيانه في الدليل على أنه تعالى قادر. 134
16 بيانه في كونه تعالى عالما. 135
17 بيانه في الدليل على أنه تعالى عالم. 137
18 بيانه في إرادته تعالى لفعل العبد. 143
19 بيانه في صفات الذات و صفات الأفعال. 148
20 بيانه في معنى السبع المثاني. 151
21 بيانه في خلق الله تعالى آدم على صورته. 152
22 بيانه في قوله تعالى (لما خلقت بيدي استكبرت) 154
23 بيانه في قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق ". 155
24 بيانه في قوله تعالى: " الله نور السماوات و الأرض - الخ ". 155
25 بيانه في معنى تركه تعالى. 160
26 بيانه في معنى قول أمير المؤمنين (ع) أنا قلب الله، أنا عين الله. 164
27 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا جنب الله. 165
28 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا عبد من عبيد محمد. 175
29 بيانه في الدليل على أنه تعالى ليس في مكان. 178
30 بيانه في تفسير أسماء الله تعالى. 195
31 بيانه في تفسير قوله تعالى: " تبارك الذي نزل الفرقان - الخ ". 217
32 بيانه في إن صفاته تعالى عين ذاته. 223
33 بيانه في خلق القرآن و حدوث كلامه تعالى. 225
34 بيانه في معنى أن القرآن غير مخلوق. 229
35 بيانه في ترك حي على خير العمل للتقية. 241
36 بيانه في معنى أنه تعالى على العرش. 250
37 بيانه في معني أنه تعالى يري أولياءه نفسه. 250
38 بيانه في أدلة توحيد الصانع. 269
39 بيانه في معنى اعرفوا الله بالله. 290
40 بيانه في طبقات الأنبياء. 291
41 بيانه في أدلة حدوث الأجسام و أن لها محدثا. 298
42 بيانه في مأخذ علم الأئمة عليهم السلام. 309
43 بيانه في معنى استوى على العرش. 317
44 بيانه في معنى البداء له تعالى. 335
45 بيانه في الاستطاعة. 345
46 بيانه في مشية الله تعالى و إرادته. 346
47 بيانه في حديث " الشقي من شقي - الخ ". 356
48 بيانه في معنى مشيئته تعالى و قدره و قضائه. 370
49 بيانه في تفسير الرزق. 373
50 بيانه في تفسير الأجل. 378
51 بيانه في معاني القضاء و الفتنة. 384
52 بيانه في معنى السعر و الرخص والغلاء. 389
53 بيانه في وجه العدل وعدله تعالى في الأطفال. 395
54 بيانه في شرط دخول المذنب الجنة. 410
55 بيانه في معنى الهداية والضلالة. 413
56 بيانه في علة إرادته تعالى بالعبد سوءا. 415
57 بيانه في سبب جلب المأمون متكلمي الفرق على الرضا عليه السلام. 454