فقولك: (اللطيف الخبير) فسره لي كما فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل، غير أني أحب أن تشرح ذلك لي، فقال: يا فتح إنما قلنا: اللطيف، للخلق اللطيف، ولعلمه بالشئ اللطيف، أولا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف وفي الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض والجرجس وما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه، واهتدائه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه مما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار، وفهم بعضها عن بعض منطقها، وما يفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرة، وما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها ولا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا. علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، لطف في خلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آله، وإن صانع كل شئ فمن شئ صنع (1) والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شئ (2).
2 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: إعلم - علمك الله الخير - أن الله تبارك وتعالى قديم، والقدم صفة دلت العاقل على أنه لا شئ قبله ولا شئ معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة مع معجزة الصفة لا شئ قبل الله ولا شئ مع الله في بقائه (3) وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شئ وذلك أنه لو كان معه