كبد كما قامت الأشياء (1) ولكن أخبر أنه قائم، يخبر أنه حافظ، كقولك:
الرجل القائم بأمرنا فلان، وهو قائم على كل نفس بما كسبت، والقائم أيضا في كلام الناس الباقي، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية، كقولك للرجل قم بأمر فلان أي اكفه، والقائم منا قائم على ساق، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى، وأما اللطيف فليس على قلة وقضافة وصغر، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء (2) والامتناع من أن يدرك، كقولك لطف عني هذا الأمر، ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، فهكذا لطف الله، تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف، واللطافة منا الصغر و القلة، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شئ ولا يفوته شئ، ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء فيفيده التجربة والاعتبار علما لولاهما ما علم، لأن من كان كذلك كان جاهلا، والله لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وأما الظاهر فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها، وقعود عليها، وتسنم لذراها، ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء ولقدرته عليها كقوله الرجل: ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي، يخبر عن الفلج والغلبة، فهكذا ظهور الله على الأعداء (3).
ووجه آخر أنه الظاهر لمن أراده، لا يخفى عليه شئ (4) وأنه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهره وأوضح من الله تعالى، وإنك لا تعدم صنعه حيثما توجهت، وفيك من آثاره ما يغنيك، والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده،