فقلت: يا أبه فلم لم يرجع إلى ربه عز وجل ولم يسأله التخفيف بعد خمس صلوات (١) فقال: يا بني أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يحصل لأمته التخفيف مع أجر خمسين صلاة لقول الله عز وجل: ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾ (٢) ألا ترى أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام، ويقول:
إنها خمس بخمسين ﴿ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد﴾ (٣) قال: فقلت له يا أبه أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى، تعالى الله عن ذلك، فقلت فما معنى قول موسى عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارجع إلى ربك؟ فقال: معناه معنى قول إبراهيم عليه السلام: ﴿إني ذاهب إلى ربي سيهدين﴾ (٤) ومعنى قول موسى عليه السلام: ﴿و عجلت إليك رب لترضى﴾ (٥) ومعنى قول عز وجل: ﴿ففروا إلى الله﴾ (٦) يعني حجوا إلى بيت الله، يا بني إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله، وأهل موقف عرفات وقوف بين يدي الله عز وجل وإن لله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته، فمن عرج به إليها فقد عرج به إليه (٧) ألا تسمع الله عز وجل يقول: ﴿تعرج الملائكة والروح إليه﴾ (٨) ويقول عز وجل:
﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾ (9).