الشيخ إسماعيل الهادفي صاحب الطريقة الصوفية المعروفة بمدينة توزر عاصمة الجريد، ومسقط رأس أبي القاسم الشابي الشاعر المعروف.
وهذا الشيخ له أتباع ومريدون في كامل الجمهورية التونسية وخارجها في الأوساط العمالية بفرنسا وألمانيا.
وجاءتني منه دعوة لزيارته، عن طريق وكلائه في قفصة الذين كتبوا إلي رسالة طويلة يشكرونني فيها على ما أقوم به لخدمة الإسلام والمسلمين ويدعون أن ذلك لا يقربني من الله قيد أنملة ما لم يكن عن طريق شيخ عارف، وعلى الحديث المشهور عندهم " من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان " ويقولون أيضا: " لا بد لك من شيخ يريك شخوصها وإلا فنصف العلم عندك ناقص " وبشروني بأن " صاحب الزمان " ويقصدون به الشيخ إسماعيل قد اصطفاني من بين الناس لأكون من خاصة الخاصة.
وطار قلبي فرحا لهذا الخبر وبكيت تأثرا لهذه العناية الربانية التي ما زالت ترفعني من مقام سام إلى ما هو أسمى ومن حسن إلى ما هو أحسن، لأنني اتبعت في ما مضى من حياتي سيدي الهادي الحفيان وهو شيخ متصوف يحكى عنه عدة - كرامات وخوارق وصرت من أعز أحبائه، كما صاحبت سيدي صالح بالسائح وسيدي الجيلاني وغيرهم من أهل الطرق المعاصرين وانتظرت ذلك اللقاء بفارغ الصبر، ولما دخلت بيت الشيخ كنت أتفرس الوجوه بلهفة وكان المجلس مليئا بالمريدين وفيهم مشايخ يرتدون لباسا ناصع البياض، وبعد مراسم التحية خرج علينا الشيخ إسماعيل وقام الجميع يقبلون يده باحترام فائق، وغمزني الوكيل بأن الشيخ هو ذا، فلم أبد حماسا لأنني كنت منتظرا غير الذي رأيت وقد كنت رسمت له صورة خيالية حسب الكرامات والمعجزات التي رسخها في ذهني وكيل الشيخ وأتباعه، ورأيت شيخا عاديا ليس فيه وقار ولا هيبة، وخلال المجلس - قدمني الوكيل إليه فرحب بي وأجلسني على يمينه وقدم إلي الطعام، وبعد الأكل والشرب بدأت الحضرة، وقدمني الوكيل من جديد لأخذ العهد والورد من الشيخ، وهناني الجميع بعد ذلك معانقين ومباركين، وفهمت من خلال حديثهم بأنهم يسمعون عني الكثير، وقد دفعني هذا الاعجاب إلى أن أعترض على بعض