أعطيتهم من وقتي الكثير لأزيح عن أفكارهم تلك الغيوم التي لبدها بعض أساتذة الفلسفة الملحدين والماديين والشيوعيين وما أكثرهم!، فكانوا ينتظرون بفارغ الصبر موعد تلك الحلقات الدينية ومنهم من يأتي إلى البيت، فقد اشتريت بعض الكتب الدينية والتهمتها بالمطالعة حتى أكون في مستوى الإجابة عن الأسئلة المختلفة وفي تلك السنة التي حججت فيها ملكت أيضا نصف ديني، فقد رغبت والدتي رحمها الله في تزويجي قبل موتها، وهي التي ربت كل أولاد زوجها وحضرت زواجهم فكانت أمنيتها أن تراني عريسا، وقد أعطاها الله ما تتمنى وأطعت أمرها في الزواج من فتاة لم أرها من قبل، وحضرت ميلاد ابني الأول والثاني، وفارقت الحياة وهي عني راضية كما سبقها والدي رحمه الله قبل عامين وقد حج بيت الله الحرام وتاب توبة نصوحا قبل وفاته بعامين.
ونجحت الثورة الليبية في تلك الظروف التي يعاني فيها المسلمون والعرب من هزيمة النكبة في حربهم ضد إسرائيل وطلع علينا ذلك الشاب قائد الثورة وهو يتكلم باسم الإسلام ويصلي بالناس في المسجد وينادي بتحرير القدس، وقد استهواني كما استهوى أغلب الشباب المسلم في البلاد العربية والإسلامية، ودفعنا حب الاطلاع إلى تنظيم رحلة ثقافية إلى ليبيا وجمعنا أربعين رجلا من رجال التعليم حيث قمنا بزيارة إلى القطر الشقيق في بداية الثورة، ورجعنا من هناك معجبين بما رأينا مستبشرين بالمستقبل الذي رجونا أن يكون في صالح الأمة العربية والإسلامية في كل المعمورة.
طوال السنوات المنصرمة كانت الرسائل مع بعض الأصدقاء متواصلة والأشواق متزايدة، وقد توطدت علاقتي مع نخبة منهم ألحوا علي أن أزورهم، فأعددت العدة ورتبت الأمور للقيام برحلة طويلة تستغرق عطلة الصيف التي تدوم ثلاثة أشهر، وكان التخطيط يمر بليبيا عن طريق البر ثم إلى مصر ومنها إلى لبنان عبر البحر ثم إلى سوريا والأردن فالسعودية، وهي المقصودة لأداء العمرة وتجديد العهد مع الوهابية التي روجت لها كثيرا في أوساط الشباب الطلابي وفي المساجد التي يكثر فيها الإخوان المسلمون.
وتعدت شهرتي حدود مدينتي إلى مدن أخرى مجاورة، فقد يمر المسافر فيصلي الجمعة ويحضر تلك الدروس ويتحدث بها في مجتمعه، ووصل الحديث إلى