تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٣٤
«هو الذي يسيركم» كلام مستأنف مسوق لبيان جناية أخرى لهم مبنية على ما مر أنفا من اختلاف حالهم حسب اختلاف ما يعتريهم من السراء والضراء أي يمكنكم من السير تمكينا مستمرا عند الملابسة به وقبلها «في البر» مشاة وركبانا وقرئ ينشركم من النشر ومنه قوله عز وجل بشر تنتشرون «والبحر حتى إذا كنتم في الفلك» أي السفن فإنه جمع فلك على زنة أسد جمع أسد لا على وزن قفل وغاية التسيير ليست ابتداء ركوبهم فيها بل مضمون الشرطية بتمامه كما ينبئ عنه إيثار الكون المؤذن بالدوام على الركوب المشعر بالحدوث «وجرين» أي السفن «بهم» بالذين فيها والالتفات إلى الغيبة للإيذان بما لهم من سوء الحال الموجب للإعراض عنهم كأنه يذكر لغيرهم مساوى أحوالهم ليعجبهم منها ويستدعى منه الإنكار والتقبيح وقيل ليس فيه التفات بل معنى قوله تعالى حتى إذا كنتم في الفلك إذا كان بعضكم فيها إذ الخطاب للكل ومنهم المسيرون في البر فالضمير الغائب عائد إلى ذلك المضاف المقدر كما في قوله تعالى أو كظلمات في بحر لجي يغشاه أي أو كذى ظلمات يغشاه موج «بريح طيبة» لينة الهبوب موافقة لمقصدهم «وفرحوا بها» بتلك الريح لطيبها وموافقتها «جاءتها» جواب إذا والضمير المنصوب للريح الطيبة أي تلقتها واستولت عليها من طرف مخالف لها فإن الهبوب على وفقها لا يسمى مجيئا لريح أخرى عادة بل هو اشتداد للريح الأولى وقيل للفلك والأول أظهر لاستلزامه للثاني من غير عكس لأن الهبوب على طريقة الريح اللينة يعد مجيئا بالنسبة إلى الفلك دون الريح اللينة مع أنه لا يستتبع تلاطم الأمواج الموجب لمجيئها من كل مكان ولأن التهويل في بيان استيلائها على ما فرحوا به وعلقوا به حبال رجائهم أكثر «ريح عاصف» أي ذات عصف وقيل العصوف مختص بالريح فلا حاجة إلى الفارق وقيل الريح قد يذكر «وجاءهم الموج» في الفلك «من كل مكان» أي من أمكنة مجىء الموج عادة ولا بعد في مجيئه من جميع الجوانب أيضا إذ لا يجب أن يكون مجيئه من جهة هبوب الريح فقط بل قد يكون من غيرها بحسب أسباب تتفق له «وظنوا أنهم أحيط بهم» أي هلكوا فإن ذلك مثل في الهلاك أصله إحاطة العدو بالحي أو سدت عليهم مسالك الخلاص «دعوا الله» بدل من ظنوا بدل اشتمال لما بينهما من الملابسة والتلازم أو استئناف مبنى على سؤال ينساق إليه الأذهان كأنه قيل فماذا صنعوا فقيل دعوا الله «مخلصين له الدين» من غير أن يشركوا به شيئا من آلهتهم لا مخصصين للدعاء به تعالى فقط بل للعبادة أيضا فإنهم بمجرد تخصيص الدعاء به تعالى لا يكونون مخلصين له الدين «لئن أنجيتنا» اللام موطئة للقسم على إرادة القول أي قائلين والله لئن أنجيتنا «من هذه» الورطة «لنكونن» البتة بعد ذلك أبدا «من الشاكرين» لنعمك التي من جملتها هذه النعمة المسئولة وقيل الجملة مفعول دعوا لأن الدعاء من قبيل القول والأول هو
(١٣٤)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الظنّ (1)، الأذان (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308