تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٤٥
يقارنه وبالقصر ما أشير إليه من أن لا يكون لهم في أثنائه اتباع لفرد من أفراد العلم والتفات إليه ووجه تخصيص هذا الاتباع بأكثرهم الإشعار بأن بعضهم قد يتبعون العلم فيقفون على حقية التوحيد وبطلان الشرك لكن لا يقبلونه مكابرة وعنادا فيحصل بالنسبة إليهم التأثر من البرهان المزبور وإن لم يظهروه وكونهم أشد كفرا وأكثر من الفريق الأول لا يقدح فيما يفهم من فحوى الكلام عرفا من كون أولئك أسوأ حالا من غيرهم إذ المعتبر سوء الحال من حيث الفهم والإدراك لا من حيث الكفر والعذاب أو ما يتبع أكثرهم مدة عمرهم إلا ظنا ولا يتركونه أبدا فإن حرف النفي الداخل على المضارع يفيد استمرار النفي بحسب المقام فالمراد بالاتباع حينئذ هو الإذعان والانقياد والقصر باعتبار الزمان ووجه تخصيص هذا الاتباع بأكثرهم مع مشاركة المعاندين لهم في ذلك التلويح بما سيكون من بعضهم من اتباع الحق والتوبة كما سيأتي هذا وقد قيل المعنى وما يتبع أكثرهم في إقرارهم بالله تعالى إلا ظنا غير مستند إلى برهان عندهم وقيل وما يتبع أكثرهم في قولهم للأصنام أنها آلهة إلا ظنا والمراد بالأكثر الجميع فتأمل وقيل الضمير في أكثرهم للناس فلا حاجة إلى التكليف «إن الظن لا يغني من الحق» من العلم اليقيني والاعتقاد الصحيح المطابق للواقع «شيئا» من الإغناء ويجوز أن يكون مفعولا به ومن الحق حالا منه والجملة استئناف ببيان شأن الظن وبطلانه وفيه دلالة على وجوب العلم في الأصول وعدم جواز الاكتفاء بالتقليد «إن الله عليم بما يفعلون» وعيد لهم على أفعالهم القبيحة فيندرج تحتها ما حكى عنهم من الإعراض عن البراهين القاطعة والاتباع للظنون الفاسدة اندراجا أوليا وقرئ تفعلون بالالتفات إلى الخطاب لتشديد الوعيد «وما كان هذا القرآن» شروع في بيان ردهم للقرآن الكريم إثر بيان ردهم للأدلة العقلية المندرجة في تضاعيفه أي وما صح وما استقام أن يكون هذا القرآن المشحون بفنون الهدايات المستوجبة للاتباع التي من جملتها هاتيك الحجج البينة الناطقة بحقية التوحيد وبطلان الشرك «أن يفترى من دون الله» أي افتراء من الخلق أي مفترى منهم سمى بالمصدر مبالغة «ولكن تصديق الذي بين يديه» من الكتب الإلهية المشهود على صدقها أي مصدقا لها كيف لا وهو لكونه معجزا دونها عيار عليها شاهد بصحتها ونصبه بأنه خبر كان مقدرا وقد جوز كونه علة لفعل محذوف تقديره لكن أنزله الله تصديق الخ وقرئ بالرفع على تقدير المبتدأ أي ولكن هو تصديق الخ «وتفصيل الكتاب» عطف عليه نصبا ورفعا أي وتفصيل ما كتب وأثبت من الحقائق والشرائع «لا ريب فيه» خبر ثالث داخل في حكم الاستدراك أي منتفيا عنه الريب أو حال من الكتاب وإن كان مضافا إليه فإنه مفعول في المعنى أو استئناف لا محل له من الإعراب «من رب العالمين» خبر آخر أي كائنا من رب العالمين أو متعلق بتصديق أو بتفصيل أو بالفعل المعلل بهما ولا ريب فيه اعتراض كما في قولك زيد لا شك فيه كريم أو حال من الكتاب أو من الضمير في
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308